سقطة المخرج تود فيليبس في فيلم " الجوكر 2 "
شتان بين الجزء الأول من فيلم " الجوكر" والجزء الثاني الذي عرض خلال الأيام الماضية في دور السينما المحلية والخليجية، والسبب المباشر في حدوث ذلك كله غياب الدراسة الجيدة والدقيقة للسيناريو الذي كتبه المخرج تود فيليبس مع بيل فيجنر، فالفيلم -كما هو واضح- اتجه إلى الناحية الإنتاجية على حساب بنية السيناريو وجودة حبكته ولغته السينمائية التي تلعب دورا أساسيا ومهما في تحديد نجاح الفيلم أو فشله.
مبدئيا يصعب إنكار عمق هذا التناقض الذي يقع فيه أي محلل يحاول التأمل في الجزء الثاني من الفيلم ، لكن لنبدأ القصة بكل حيثياتها.
الجوكر بشخصيته الغامضة وهو الممثل الفذ خواكين فينيكس يجد حبيبته وهي الفنانة ليدي غاغا في دور " هارلي كوين" في مصحة منتظرا محاكمته على جرائمه، ليبدأ في هدوء وتلقائية بمحاولة إرجاع أيام الحب والعلاقة ، ونراه في أحد المشاهد وهو يردد حقائق عن النضج العاطفي وحبه الصادق لها وإخلاصه الشديد وكسب احترامها، ولكنه يشعر باشمئزاز من طريقتها معه. وهذا الصراع هو محور كل دراما الفيلم الذي وضعت فيه موسيقى وأغان أوقعته في مزالق سيئة، فالغناء والرقص في الفيلم لم يتركا أثرا كما كان متوقعا من المخرج، وكذلك ضعف البناء الفني الحقيقي للعمل الذي كان يفترض أن يكون على أقصى درجات السخونة والتعقيد وتفجير الشر والصراع المكشوف، ليكون مقاربا -على أقل تقدير- من الجزء الأول الذي تميز بالقصة الرمزية الفكاهية التي تعرض الشر في شخصية الجوكر، وكان يمكن للمخرج تود فيليبس تجنب السقوط لولا المشهد الأخير من الفيلم الذي يقتل فيه الجوكر على يد أحد المساجين ما شكل تغييرا أساسيا وانعطافا يقنعك بما لا تريد أن تقتنع به.
ويتعدد مستوى الرموز داخل الفيلم، فبعضها يأتي واضحا، مباشرا، مثال جلسة المحاكمة التي تنتهي بعد طول عناء بتفجير المبنى، وبعضها لا يتضمن موقفا فكريا واضحا كرقص الجوكر وحبيبته على السلالم، مع إننا وجدنا مجموعة متماسكة من المعاني في أفلام المخرج تود فيليبس السابقة.
وبعد هذا كله، فإن الحسنة الوحيدة في الفيلم إلى جانب أداء الممثل خواكين هو التصوير الباهر وإبراز الظلال عن الضوء، وتغير الزوايا بحيث برزت الصراع والصدام بين الشخصيات.