بسام الذوادي.. أكثر المسارات ثراء ومعنى في السينما الخليجية
ما من شك، في أنه ليس من قبيل المبالغة التأكيد بأن السينما في دول الخليج إن صح التعبير تدين للمخرج البحريني بسام الذوادي ، ذلك المبدع الدائم في هذا المجال الذي يتحدى دون توقف الإمكانيات الفنية، بأكثر مما تدين لأي مخرج سينمائي آخر.
الذوادي تأثر بانبهار بالاتجاهات السينمائية المعاصرة في الغرب مثل الموجة الجديدة في فرنسا، والسينما الحرة في بريطانيا، ولكنه تفوق على المخرجين الخليجيين الآخرين الذين حتما تأثروا بتلك المدارس والاتجاهات، في كيفية العثور على لغة سينمائية خاصة للتعبير السينمائي، مستمدة من البيئة المحلية والتراث الثقافي المحلي، وعن أسلوب سينمائي يصلح لمخاطبة الجماهير العادية.
المسار الذي سار فيه مخرجنا بسام الذوادي منذ بداياته ولغاية اليوم، من أكثر المسارات ثراء ومعنى في السينما الخليجية، ولا نقول هذا الكلام مجاملة وإنما حقيقية مثل الطيور التي تلاحقنا، فالمتتبع للتقاطعات والإرهاصات التي مر بها الذوادي تشد انتباه المهتم بالسينما، صعود وهبوط وعوائق عديدة متنوعة، وأهداف عامة يسعى لتحقيقها في هذه الصناعة التي تحتاج إلى تخطيط متكامل، والتجارب العديدة التي مر بها كشفت عن الموهبة والعبقرية السينمائية التي ساعدته على التميز والانطلاق إلى الأفق الواسع.
مناسبة هذه الكلمات عودتي لقراءة كتاب سيرته الذاتية" بسام الذوادي..السينما كما عرفتها"، لأن عند إعادة قراءة أي كتاب تشعر أنك مسافر قديم يحتاج إلى توجيه للطريق الجديد أو الجهة، خاصة وإني مقبل على مشروع كتاب سينمائي وثائقي عن قامة وعملاق من عمالة السينما العربية، وسيكون الذوادي مرجعا مهما للكتاب بحكم علاقته مع هذا الفنان الذي تعلقت بتمثيله منذ الصغر واعرف جغرافية وقوانين ومواضيع ولغة وأنظمة السينما التي يقدمها.
في هذا الكتاب يتضح أن للذوادي دور شاملا وقياديا في السينما الخليجية. أنه سجل الحياة بمستوى الفكر وضخامة الإبداع، بل ومرجعا لتوسيع قاعدة الانطلاق السينمائي الخليجي نحو المستوى الفني الرفيع لمن يريد الاشتغال بهمة وجهد. كتاب متفرد في الإيصال والتوصيل بين الكاتب والمتلقي وليس مجرد حبر على ورق.