في بداية شهر سبتمبر ولأول مرة في تاريخها، أعلنت شركة صناعة السيارات الشهيرة عالميًّا، فولكس فاجن، التفكير في إغلاق مصنعين في المانيا. وتعتبر هذه الشركة ليست فقط لصناعة السيارات بل هي الأكبر من حيث التوظيف في القطاع الصناعي، إذ توظف نحو 300 ألف موظف وهناك مئات الآلاف من الأفراد ممن يساعد في تزويد الشركة، وقد عانت الشركة من انخفاض مبيعاتها خلال عدة أعوام منذ عام 2020. وقد انخفضت قيمة الشركة إلى الثلث وتعتبر الآن من أسوأ شركات صناعة السيارات في أوروبا. أضف إلى ذلك، حين حاولت شركة صناعة السيارات إغلاق المصانع وإنهاء عقودها مع الموظفين تدخلت نقابات العمال الألمانية في محاولة لمنع هذه الإغلاقات التي سوف يكون مردودها سيئًا على مستوى معيشة الأفراد والاقتصاد مع الأخذ في الاعتبار أن مجمل مبيعات صناعة السيارات في أوروبا ككل قد انخفضت كثيرًا منذ التدهور في 2019.
وقد صرّح المدير التنفيذي لفولكس فاجن أوليفر بلوم Oliver Blume بصراحة، قائلًا: “لم يعد هناك شيكات قادمة من الصين” وأن جزءًا من الأسباب للغلق هو توقف التعامل مع الصين في إشارة إلى انخفاض أرباح المبيعات من أكبر أسواق فولكس فاجن، وكذلك ارتفاع شراء السيارات الكهربائية الصينية في أنحاء أوروبا منذ 2020 بدلًا من فولكس فاجن. إن الانفصال عن الصين كأكبر شريك تجاري لألمانيا منذ أكثر من عقد من الزمان مع خسارة موارد الطاقة الفعّالة من حيث التكلفة من روسيا تعتبر ليست خطوة وتحركًا سياسيًّا ذكيًّا للمراقب، ومن الناحية الأخرى فإن اقتصاديات الصين وروسيا تبدو لغاية الآن أنها بخير ولديها بالتأكيد مشاكلها الخاصة ولكن تحركاتها توحي بأنها سوف تنمو أسرع من الآخرين. إضافة لذلك، ذكرت صحيفة “التلغراف” البريطانية مؤخرًا “لقد أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض تعريفات جمركية إضافية تتراوح من 17.4 % إلى 37.6 % على الواردات الصينية التي تخضع بالفعل لضريبة استيراد بنسبة 10 %، ومع ذلك، فإن التكلفة هذه تجعل العديد من الشركات المصنعة الصينية لا تزال قادرة على بيع السيارات بشكل مربح في أوروبا” ومن الواضح أن هذه التعريفات على الواردات المرتفعة وغيرها من تدابير الحماية التي تفرض ليست الحل ولن تحل المشكلة. إن شركة فولكس فاجن ليست سوى أحد أعراض الركود الاقتصادي الأوسع نطاقًا والأعمق الذي سيؤثر على الاتحاد الأوروبي لأن المشكلة لا تقتصر فقط على ألمانيا بل المانيا هي الأكبر اقتصادًا في الاتحاد الأوروبي والأزمة من المرجّح أن تتوسّع على نطاق أوروبي أوسع.
وإلى اللقاء في موضوع آخر.