حتى نتمكن من بناء مستقبل إعلامي ابتكاري وأكثر استدامة وفعالية، يحقق أهدافه الاقتصادية ويتحمل مسؤوليته الاجتماعية، علينا الانتقال لمفهوم ريادة الاعلام، إذ أسهم رواد أعمال في نحت تعريفات ورؤى مختلفة بشأن هذا المفهوم، في قطاع حديث نسبيا. لكن في البدايات، تبلورت مفاهيم عدة تعرض بعضها لانتقادات، وشهدت تقلبات وصولا إلى تعريف مُرضٍ في نهاية هذه المقالة.
اقرأ مقالة: رحلة من الأخبار إلى الأرقام
في البداية، عرفت ريادة الإعلام بأنها “إنشاء وملكية مؤسسة أو مؤسسة صغيرة يضيف نشاطها صوتًا أو ابتكارًا واحدًا على الأقل إلى سوق وسائل الإعلام”. هذا التعريف البسيط ركز على أهمية إضافة شيء جديد إلى سوق الإعلام، لكنه تعرض لانتقادات بناء على أن أي شخص يبدأ مدونة يمكن اعتباره صوتًا جديدًا في سوق الإعلام.
ثم قدم أكاديميو ريادة الإعلام تعريفًا أوسع ركز على كيفية تصور وتطوير المشروعات الجديدة التي تهدف إلى خلق سلع وخدمات إعلامية مستقبلية. التعريف الجديد ركز أيضا على استخدام الأفراد أو الشركات الصغيرة لمواردهم الخاصة أو موارد الآخرين لخلق قيمة مضافة عبر قنص الفرص.
في الإجمال، قدم العديد من رواد الإعلام تعريفاتهم الخاصة لريادة الإعلام، بناءً على خبراتهم وتجاربهم في هذا المجال، وتضمنت هذه التعريفات جوانب مختلفة مثل الابتكار، وتحقيق الربح، والاستدامة، وحل المشكلات، واستخدام التكنولوجيا. وعرج أحدهم على اعتماد درجة المخاطرة معيارا، وكذلك الإيمان بأفكار جديدة ضمن رؤية واضحة وجودة منتج منافسة.
ومع ذلك، فإن هذه التعريفات لم تقدم نظرة شمولية إذ ركزت بشكل أساسي على الجانب الإعلامي ولم تر في ريادة الأعمال جوهرا لهذا المفهوم، ولذلك، يمكن الاستفادة من البحوث المنشورة بشأن ريادة الأعمال وجوانبها المختلفة لاستخلاص السمات الرئيسة لريادة الأعمال واكتشاف تعريف شامل لريادة الإعلام.
بشكل أساسي، ريادة الأعمال هي عملية تطوير وتنظيم وإدارة عمل جديد لتوليد الأرباح مع تحمل المخاطر المالية. بمعنى أوسع، هي عملية تحويل الوضع الحالي عن طريق حل المشكلات الأكثر إلحاحًا ونقاط الألم في مجتمعنا، غالبًا عن طريق تقديم منتج أو خدمة مبتكرة أو إنشاء أسواق جديدة.
وبسبب اللبس الذي يلف هذا المصطلح، ما تزال القطاعات الاقتصادية عربيًا، ومنها الإعلام، غير قادرة على عكسه ضمن عملها أو مواكبة التطورات الحديثة عالميًا في مجالاتها. 
من هنا يسعدني دمج تعريف ريادة الأعمال واقتصاديات الإعلام بوسائل الإعلام، حتى أتوصل لتعريف ريادة الإعلام بأنها: “العملية التي يتم من خلالها إنشاء مشروع إعلامي جديد قادر على إنتاج وتوزيع واستهلاك المعلومات والترفيه، من خلال تحويل الأفكار الابتكارية التي تحل مشكلة إعلامية ما، إلى واقع منافس جزئيا وكليا يحقق الأرباح المالية والاجتماعية لرائد الإعلام، واستدامة للفكرة والقدرة على تطويرها مستقبليا”.