العدد 5815
الأحد 15 سبتمبر 2024
banner
“بثوث التيك توك” تسول إلكتروني يقود للمحظور
الأحد 15 سبتمبر 2024

انتشار “لايفات” التيك توك بين مختلف أفراد المجتمع أمر يثير القلق ويدق ناقوس الخطر، فهذا التطبيق لم يعد مجرد وسيلة للتواصل الاجتماعي، بل أصبح باباً لجمع الأموال عن طريق فتح بث مباشر بين المستخدم والمشاهدين المتواجدين على منصة التيك توك، حيث إن هذه البثوث تحمل في طياتها العديد من المخاطر التي لا يعبأ لها المستخدم قبال حصوله على الأموال. فترى المستخدمين لهذا التطبيق يلجأون إلى ارتكاب العديد من السلوكيات غير اللائقة، إضافة للأعمال الخارجة عن المألوف التي ينفذها الخاسر في تحدي البث، حيث يستجيب لحكم الفائز في جولات التحدي.
وللعلم فإن تطبيق التيك توك يسمح بشراء العملات من خلال البطاقات الائتمانية ومن ثم يقوم المستخدم بإرسالها كهدايا، والتي تبدأ من وردة وهي الأرخص ويكون سعرها أقل من نصف دولار، وتصل فيها أعلى هدية وهي تيك توك يونيفرس إلى ما يقارب الـ 500 دولار، هذه الهدايا التي تجمع على شكل نقاط تشجع المستخدمين على فتح البثوث للحصول على هذه النقاط التي تحول إلى أموال فيما بعد لأرصدتهم البنكية.
لهذا وجد أغلب المراهقين والشباب ضالتهم في هذا البرنامج الذي يقضون فيه أوقاتهم بالتسلية وجمع الأموال في آن واحد، حيث إنهم أصبحوا يدخلون في تحديات مباشرة مخالفة للذوق العام، فتراهم يلطخون وجوههم وأجسامهم بالطحين أو المساحيق أو المشروبات، وتارة أخرى ينفذون حركات مهينة للكرامة الإنسانية.
والمتابع لهذه الفيديوهات المباشرة التي يبثها المستخدمون الذين يطلبون من مشاهديهم الدعم لهم من خلال إرسال الهدايا ويترجونهم بشكل متكرر لطلب الحصول عليها، حيث يبقون ساعات طويلة من أجل جمع هذه الهدايا وكأنهم متسولون يستجدون كل من يشاهدهم في مشهد تغيب عنه الكرامة وينفتح فيه ماء الوجه، حتى تحول هذا البرنامج إلى ساحة تسول افتراضية.
ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، حيث لجأ الكثير من الذين يبثون إلى كشف بعض أجزاء الجسم أثناء البث أو لبس ملابس خادشة للحياء، إضافة لارتكاب سلوكيات غير لائقة وإطلاق ألفاظ بذيئة، وكذلك الحركات الإيحائية، كل ذلك بهدف جذب أكبر عدد من المشاهدين والحصول على الهدايا من قبل الداعمين، كما لجأ بعضهم لجعل بثه وكأنه غرفة فضفضة وتعارف مختلطة بين النساء والرجال.
هذه الساعات الطويلة التي يقضيها المستخدمون على التيك توك تنذر بمشاكل اجتماعية وسلوكية بالغة الخطورة، وتهدد كيان المجتمع فيما إذا توسعت شريحة مستخدمي هذا التطبيق في مملكة البحرين، والمتضرر في الدرجة الأولى هم فئة المراهقين والشباب، فإدمان دخول هذا التطبيق والمشاركة فيه أو حتى المتابعة تنجم عنه عدة مشكلات، الأولى هي العزلة المجتمعية والانغماس في العالم الافتراضي، والثانية انتشار ظاهرة التسول الإلكتروني وفعل ما هو محظور للحصول على المال، الثالثة وهي اكتساب عادات وسلوكيات دخيلة على مجتمعنا المحافظ، خصوصاً في جولات التحدي ولعبة الأحكام التي يفرض الفائز فيها ما يريده من الخاسر الذي يتوجب عليه الانصياع له، والرابعة غياب الخصوصية عند المستخدمين بسبب بقائهم في البث المباشر ساعات طويلة، ما يؤدي إلى كشف الأسرار الشخصية والعائلية والتي تتسب في مشاكل نفسية واجتماعية عميقة. الخامسة تعرض الأطفال والمراهقين للابتزاز والاستغلال عن طريق إغرائهم بهدايا التيك توك.
وللأسف فإن استخدام خاصية البث المباشر أصبحت ظاهرة تتوسع، وباتت تمثل خطراً حقيقياً يهدد أمن واستقرار العوائل والمجتمع، ويجب أن تتكاتف الجهود لزيادة الوعي، خصوصاً بين المراهقين والشباب المتأثرين بفكرة جني الأموال.
يجب على أولياء الأمور مراقبة استخدام أبنائهم هذه المنصة، وتوعيتهم بمخاطرها، كما يجب على الجهات المعنية تشديد الرقابة على المحتوى المنشور، وتطوير قوانين رادعة لمن يمارسون أي فعل أو تصرف مشين، فحماية مجتمعاتنا من هذه الآفة مسؤولية مشتركة.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية