في مدينة ذكية يعرف النظام أن لديك موعدا في مستشفى لمراجعة طبيب العيون، فيرسم لك محطات هذه المهمة ويجعلها سهلة ومتكاملة، ومن ذلك أنه يرسل لك على جوالك رسالة تذكير بالموعد، وكذلك يفعل بالنسبة لعيادة العيون في المستشفى، ثم يطلب لك السيارة التي ستنقلك إلى المستشفى، أو يحجز موقفا لسيارتك هناك، وربما في مختبر فحص النظر أو الصيدلية، ثم يتابع مسألة تقدم العملية العلاجية، والمراجعات، وغيرها.
في الواقع، يشكل التنقل الذكي المرتبط بمثل هذه المهام ركيزة أساسية من ركائز مفهوم المدن الذكية، ومع تطورات الذكاء الاصطناعي بات الانتقال من مكان إلى آخر؛ حتى في المدن المكتظة؛ أمرا ممتعا بالفعل، فضلا عن الأثر الإيجابي لذلك على الاستهلاك والبيئة والاستدامة.
والتنقل الذكي ركيزة أيضا في تحسين جودة الحياة، أي الارتقاء بمستوى حياة الأفراد والمجتمعات بشكل عام وذلك من خلال توفير بيئة ملائمة تؤمن لهم العيش بكرامة وأمان ورفاهية.
ويشير التنقل الذكي بشكل عام إلى استخدام التكنولوجيا لتحسين وسائل النقل وجعلها أكثر كفاءة واستدامة، ويشمل مجموعة من الابتكارات التكنولوجية المتنوعة من أنظمة النقل الجماعي المتقدمة، والمركبات الكهربائية، والدراجات المشتركة، وصولاً إلى الحلول التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإدارة حركة المرور وتسهيل التنقل.
ويُشكّل التحول نحو التنقل الذكي في منطقة الخليج العربي وبالأخص في مملكة البحرين خطوة حيوية نحو تحقيق رؤية تنموية شاملة لتعزيز جودة الحياة للمواطنين والمقيمين، فالتنقل الذكي لا يهدف إلى تحسين البنية التحتية للمدن وحسب؛ بل هو أداة رئيسية للنهوض بمستويات بجودة الحياة بشكل عام نظرًا للدور الذي يلعبه في تخفيف الضغوط اليومية على السكان خاصة في هذه منطقتنا التي تشهد معدلات نمو سكاني مرتفعة وازدحام مروري متزايد؛ الأمر الذي من شأنه تحسين الصحة النفسية والبدنية، وتقليل التلوث البيئي، وتعزيز الاستدامة.
وقد أثبتت حلول التنقل الذكي أنّ بإمكانها إحداث فرق جوهري في الحياة اليومية للمواطنين وذلك من خلال تقليل الازدحام المروري الذي يعتبر من أبرز التحديات التي تواجه المدن الكبرى في الخليج، عبرَ اعتماد تقنيات متقدمة مثل الأنظمة الذكية لإدارة المرور التي تعمل على تقليل أوقات الانتظار في الطرقات، مما يتيح للأفراد المزيد من الوقت للاسترخاء أو العمل أو التفاعل الاجتماعي.
كما وتسهم تقنيات التنقل الذكي مثل السيارات ذاتية القيادة وأنظمة التحذير المبكر في تقليل الحوادث المرورية وتحسين السلامة على الطرق؛ وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض عدد الإصابات والوفيات مما يعزز الشعور بالأمان لدى سكان المدن.
هذا إلى جانب الأثر الإيجابي للتنقل الذكي على البيئة فالاعتماد على المركبات الكهربائية والدراجات المشتركة يقلل من انبعاثات الكربون، مما يساهم في تحسين جودة الهواء وينعكس بشكلٍ فعّال على الصحة العامة، ويعتبر هذا الموضوع أمرًا بالغ الأهمية في دول الخليج التي تعاني من المناخ الحار الذي ترتفع فيه معدلات التلوث.
“اقرأ المقال كاملا في الموقع الإلكتروني”
وعلى الصعيد الاقتصادي؛ من شأن التنقل الذكي أنْ يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والنمو، فإنشاء بنية تحتية متطورة للنقل معتمدة على التكنولوجيا يتيح فرصًا كبيرة للشركات المحلية والدولية على حد سواء لإطلاق مشاريع مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والتقنيات المستدامة، مما يسهم في تنويع الاقتصاد البحريني وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية.
وعلاوة على ذلك؛ فإن تطوير نظام نقل ذكي ومستدام يمكن أن يعزز من جاذبية البحرين كوجهة استثمارية رائدة في المنطقة نظرًا لأن المستثمرين يبحثون عادةً عن البيئات المستقرة والمزدهرة، بالإضافة إلى أنّ اعتماد نظم النقل المتكاملة يجعل التنقل أكثر كفاءة وسرعة مما يعني توفير الوقت والجهد، وهذا يعزز من الإنتاجية الفردية ويسهم في تحسين الاقتصاد المحلي.