العدد 5798
الخميس 29 أغسطس 2024
banner
تحالف بكين وموسكو.. هل ينجح في تقويض هيمنة الدولار؟
الخميس 29 أغسطس 2024

مع تسارع التغيرات الاقتصادية والجيوسياسية على الساحة العالمية، يبدو أن العالم يشهد تحولا كبيرا في النظام المالي العالمي، حيث يتعرض الدولار الأميركي لضغوط متزايدة قد تؤدي إلى تراجع دوره كعملة الاحتياط العالمية الأولى، هذه التحولات تأتي في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة (المتمثلة في الحرب الروسية الأوكرانية، الحرب الإسرائيلية على غزة، حزب الله اللبناني وإسرائيل ردا على اغتيال فؤاد شكر، والرد الإيراني المنتظر بعد استشهاد قائد المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران)، وكذلك العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على دول مثل الصين وروسيا.
وفي خطوة متوقعة للتخفيف من حدة العقوبات توصلت الصين وروسيا إلى اتفاقات جديدة تهدف إلى توسيع تعاونهما الاقتصادي من خلال اعتماد أنظمة مصرفية بديلة تسهل المعاملات المالية بعيدا عن النظام المالي التقليدي الذي يهيمن عليه الدولار. الصين وروسيا، وهما من أكبر القوى الاقتصادية في العالم، تسعيان من خلال هذا التعاون إلى تقليل اعتمادهما على الدولار لتجنب تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية على اقتصادهما. والتعاون بين موسكو وبكين في هذا المجال لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة علاقات استراتيجية عميقة تتجلى في العديد من المشاريع المشتركة، مثل خطط بناء البنية التحتية في إطار مبادرة “الحزام والطريق” الصينية. وقد بدأت الدولتان بالفعل في تنفيذ بعض التدابير التي تهدف إلى تقليص دور الدولار في تجارتهما الثنائية، مثل اعتماد العملات المحلية في التسويات التجارية وإنشاء بنوك وصناديق استثمار مشتركة تعمل بعيداً عن النظام المالي العالمي القائم على الدولار. هذا التحول قد تكون له تأثيرات بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي، حيث يمكن أن يؤدي إلى إعادة تشكيل النظام المالي العالمي وزيادة تعددية العملات في التجارة الدولية، وإذا نجحت تلك الاستراتيجية في تحقيق أهدافها، فقد يؤدي ذلك إلى ظهور نظام مالي جديد متعدد الأقطاب، ما يساهم في تقويض الهيمنة المطلقة للدولار.
ومع ذلك، فإن هذا التوجه يتطلب تعزيز الثقة في العملات المحلية مثل اليوان الصيني والروبل الروسي، بالإضافة إلى تطوير آليات مالية بديلة قادرة على تقديم نفس مستوى الأمان والسيولة الذي يوفره النظام الحالي المرتبط بالدولار.
لكن يبقى السؤال: هل ستتمكن الصين وروسيا من تحقيق هذا التحول بنجاح؟ وهل سيؤدي ذلك فعلاً إلى نظام مالي عالمي جديد يقلل هيمنة الدولار؟ فقط الأعوام القادمة بل ربما الشهور القادمة ستجيب عن هذه التساؤلات، لكن من الواضح أن العالم مقبل على تغييرات كبيرة في هيكلية النظام المالي الدولي.

كاتب مصري

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية