في منطقة معزولة عن العالم في قلب صحراء النقب أنشأ الجيش الإسرائيلي عقب عدوانه على غزة قبل عشرة أشهر معتقلا رهيبا للفلسطينيين يتفوق في بشاعته على كل المعتقلات التي أقامها من قبل، إنه معتقل “سدى يتمان” وهو ليس للعقاب وتقييد الحرية في الأقبية المرعبة فقط مثل بقية السجون، لكنه أنشئ خصيصاً لسحق الكرامة والكبرياء للسجين الفلسطيني، هذا إذا قدرت له النجاة من القتل والتعذيب.
تحدثت الصحف الإسرائيلية عن أحداث مروعة وتعذيب أفضى إلى الموت داخل هذا السجن، كما نشرت وسائل إعلام عن قيام تسعة جنود إسرائيليين باغتصاب أسير فلسطيني عدة مرات خلال الشهر الماضي لدرجة إصابته بتهتك وتمزق في الأمعاء، وحين بدأ التحقيق في هذه الجريمة الوحشية المخالفة لمواثيق حقوق الإنسان وحق الأسير، غضب الجنود الإسرائيليون اعتراضا على عملية التحقيق، واقتحموا المعسكر رافضين التحقيق. وقال اليمين المتطرف على لسان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير: إن مشهد ضباط الشرطة العسكرية وهم يأتون لاعتقال أفضل أبطالنا في سجن “سدى يتمان” أكثر من مخز، فيما هتف وزير التراث الإسرائيلي عميخاي إلياهو بالموت للإرهابيين الفلسطينيين، وصدرت فتاوى رجال الدين الإسرائيليين بأنه لا جريمة في عملية الاغتصاب مادامت ضد غير اليهود! ولذلك سريعا ما تم الإفراج عن الجنود الذين قاموا بهذه الفعلة الشنيعة. ويعد معتقل “سدى يتمان” ثكنة عسكرية، تحيطه الدبابات والمدرعات والمعدات العسكرية من كل جانب، وهو مقسم إلى أربعة أقسام لاعتقال الأسرى الفلسطينيين، كل قسم يوجد به ما يشبه أربع حظائر، الحظيرة يحتجز بها 100 فلسطيني في ظروف قاسية، مقيدين على الدوام، بعضهم تم بتر أطرافهم بسبب القيود والأصفاد، يحيطهم جنود مسلحون وكلاب بوليسية على مدار الساعة، يسمح لهم باستخدام دورة المياه لمدة دقيقة واحدة فقط، من يتجاوز الوقت يتعرض لعقوبات تصل للاعتداء الجنسي. التقديرات الصحافية تشير إلى وجود آلاف المعتقلين داخل هذا المعتقل الرهيب فيما البيانات الإسرائيلية تتحدث عن 700 سجين فقط.
هذه الكذبة الإسرائيلية تعتبر شيئا يسيرا إذا قيست بتلال من الأكاذيب يطلقونها بالليل والنهار، فمن يقول إن الجيش الإسرائيلي وهو يقوم بعمليات قتل المدنيين والأطفال في غزة وينشئ مثل هذا المعتقل الرهيب هو أفضل جيوش العالم أخلاقا! لا ننتظر منه أي كلام له معنى.. المشكلة أن مثل هذا الكلام الكذوب يجد آذانا صاغية من أميركا، ما يضع الجميع في مأزق يصعب الخروج منه.
مدير تحرير “الأهرام”