أعتقد بأن المتابع للتطورات العالمية يعلم اليوم من هي مجموعة البريكس، التي بدأت بأربع دول وهي البرازيل، روسيا، الهند والصين ثم انضمت إليها جنوب إفريقيا عام 2010.
الصين وروسيا بدأتا في بلورة تعدد الأقطاب ونزع الهيمنة الأميركية المطلقة التي حصلت عليها الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية من كل النواحي بابتكار سبل مبدعة وأفكار بعضها جديدة وبعضها لم تكن موجودة منذ عقود كثنائي لنزع تلك الهيمنة الأميركية التي أثبتت في العقود الماضية باستخدام الولايات المتحدة تلك الهيمنة لتهديد الدول وفرض العقوبات عليها من ناحية التحويل باستخدام الدولار كعملة أساسية للتعامل بين الدول عن طريق نظام السويفت الغربي في كل التعاملات في كل السلع البينية الدولية.
ومن بعض الإبداعات والأفكار التي توصلت اليها الصين وروسيا للتحلل والتخلي المتدرج في مسألة التعامل بالدولار وإضعاف تلك الهيمنة بأشكال متعددة وكسر الاحتكار، إنشاء بنك التنمية واحتياطي الطوارئ وفكرة إنشاء البرلمان الخاص بالمجموعة و كذلك منصة للتداول البيني بين دول البريكس بالعملات المحلية لكل دول المجموعة.
وآخر ما سمعته هو إنشاء منصة “للمقايضة” حول السلع الزراعية، وهي شكل آخر من أشكال التخلي المتدرج للتعامل بالدولار الأميركي بعدما قررت الولايات المتحدة و حلفائها إضافة عقوبات إضافية على البنوك الروسية.
المقايضة هنا للسلع الزراعية بداية المقايضة للسلع مع روسيا. والصين قد حررت روسيا من عواقب العقوبات الإضافية التي أقرت من الغرب بعدما تأخر الدفع في التحويل إلى ما يقارب 18 يومًا ورفض بعض البنوك الصينية قبول ذلك التحويل للابتعاد عن فرض أي عقوبات عليها. وأصبحت فكرة المقايضة للسلع الزراعية هي الحل الوقتي لتعامل الدولتين عبر حدودهما للإفلات من تلك العقوبات الإضافية وهو دليل آخر يضاف على استخدام الولايات المتحدة الحرب الاقتصادية لإضعاف خصومها وقد ثبت أن كل تلك العقوبات على روسيا كان لها تأثير محدود في عام 2022 و2023.
إن الصين وروسيا منذ أكثر من عقد من إنشاء المجموعة، قد بدأتا في التصميم والعمل على إيجاد طرق للتعامل المالي البيني وليس منذ اللحظة، لأنهما كانتا مدركتين ما سوف يترتب عليهما من عقوبات آتية.