لقد تطورت سوق مملكة البحرين اللوجستي في السنوات الأخيرة نتيجة لتزايد العولمة، وهو أحد العوامل الدافعة الرئيسة المسؤولة عن نمو السوق.
على الرغم من وجود نطاق كبير في البلاد مقارنة بجيرانها الخليجيين الأكثر تدرجًا مثل المملكة العربية السعودية ودبي، تظل الإمكانات عالية، لأن السوق توفر فرصًا عديدة للمستثمرين الأجانب.
وقد أصبح الموقع الجغرافي الاستراتيجي للبحرين مركزًا مثاليًا لشركات النقل والخدمات اللوجستية العالمية، التي من المقرر أن توسع وجودها في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. كما توفر المملكة بنية تحتية متطورة ومترابطة للنقل مع مجموعة متنوعة من الخيارات المتاحة.
وقد كانت توقعات السوق متفائلة بنمو التجارة إيجابيًا وأقوى على أساس سنوي في العام 2024 بعد تخفيضات إنتاج أوبك والعوامل الجيوسياسية في المنطقة.
ومازالت التوقعات لازدهار السوق اللوجستية واضحة على المدى المتوسط حتى العام 2028، حيث تعكس الأرباح نظرة مستقبلية إيجابية عموما لقطاعي التجارة والخدمات اللوجستية، ومن المتوقع أن يؤدي الطلب المحلي والصادرات إلى دفع النمو.
وبشكل عام، ستواصل البحرين الاستثمار في مجموعة من مشاريع البنية التحتية الجديدة في قطاعات النقل والطاقة والعقارات والخدمات غير النفطية كجزء من أجندة التنويع الاقتصادي الأوسع لرؤية 2030.
في الوقت الحاضر، نلاحظ أن الصراع بين إسرائيل وحماس سيشكل مخاطر جيوسياسية على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأوسع، مع استمرار تدهور الوضع الأمني.
ومع توقعات بأن تصل قيمة سوق التجارة الإلكترونية إلى 50 مليار دولار بحلول العام 2025، فإن التركيز المهم لمشغلي الخدمات اللوجستية في البحرين هو الاستثمار في البنية التحتية والمعدات والتكنولوجيا، لمنح شركات الخدمات اللوجستية والتوصيل إمكان الوصول السريع والفعال من حيث التكلفة إلى مصادر الطلب في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي.
وقد أدى استخدام التكنولوجيا المتطورة إلى تبسيط إجراءات التخليص، إلى حد أنه سيوفر فترة زمنية تصل إلى ساعتين من البداية إلى النهاية لجميع الحاويات التي تنتقل بين المطار وميناء خليفة بن سلمان، وبنسبة 40 % من التكلفة.
توقعات
توفر مؤشرات الخدمات اللوجستية والنقل في المملكة رؤى أساسية عن كفاءة قطاع النقل عبر مختلف الوسائط. وقد برر الطلب المتزايد في السوق البحرينية، الاستعانة بخدمات النقل والإمداد الرئيسة لتقليل تكاليف الشحن، إضافة إلى إدارة فترة التسليم إلى استخدامها على نطاق واسع في تجارة التجزئة والاتصالات والسيارات والبناء والتجارة الإلكترونية والتصنيع والأغذية والمشروبات، ونتيجة لذلك، فإن السوق تتوسع حاليا بمعدل مستقر.
من المتوقع أن ينمو سوق الخدمات اللوجستية العالمية بشكل مطرد في السنوات المقبلة، بمساهمة التجارة الإلكترونية، وارتفاع التجارة الدولية، حيث أثبتت الإحصاءات أن السوق البحرينية يتميز بقدرة تنافسية عالية، بسبب التوسع السريع في التجارة والاعتماد المتزايد والرقمنة في العمليات اللوجستية.
حيث تركز الشركات في هذا السوق على تطوير خدماتها، والاستثمار في التكنولوجيا، وتكوين شراكات استراتيجية للحصول على ميزة تنافسية.
ومن المرجح أن يؤثر الاعتماد المتزايد للتقنيات الرقمية، مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات الضخمة، والسوق الإلكتروني، على حركة السوق ويساهم في نموه مؤديا إلى تحسين كفاءة الخدمات اللوجستية وخفض التكاليف للشركات.
بشكل عام، تعد هذه المؤشرات ضرورية لتقييم حركة البضائع، حيث تعمل على تقييم صحة البنية التحتية الاقتصادية في البحرين وأدائها الصناعي، حيث تعكس المقاييس الرئيسة، مثل النقليات الجوية، والشحن، ومغادرة شركات النقل، وحركة الموانئ، وخطوط النقل جوانب محددة مثل الطلب والحجم والقدرة الاستيعابية والتطوير في السوق اللوجستية وبالتالي الاقتصاد البحريني.
يذكر أن مراقبة هذه المؤشرات من المستثمرين تتيح تحسين الخدمات اللوجستية واتخاذ قرارات مستنيرة وتحديد اتجاهات تقنيات الصناعة اللوجستية في البحرين بشتى تحدياتها في هذا المجال كالتأثر باللوائح وحركة الطلب على السفر الجوي، والتجارة الإلكترونية، والتقدم التكنولوجي، والاستدامة.
الأمر الذي يحتم التغلب على هذه التحديات وتكييف الاستراتيجيات، وتبني الابتكار، وإعطاء الأولوية للاستدامة، لضمان النجاح المستقبلي في مجال مؤشرات النقل واللوجستيات المتطورة باستمرار وذلك في ضوء التحديثات السريعة في عالم السوق اللوجستية العالمية، إذ من المتوقع أن تنمو سوق الشحن والخدمات اللوجستية العالمي إلى 18.69 مليار دولار بحلول العام 2028 بمعدل نمو سنوي يبلغ 4.4 %.
عالميا
بالنظر فقط إلى الخدمات اللوجستية، من المتوقع أن تصل سوق الخدمات اللوجستية العالمية إلى 6.55 تريليون دولار بحلول العام 2027، بمعدل نمو سنوي قدره 4.7 % بين العامين 2022 و2027.
أحد أهم محركات الطلب في السوق هو الانتشار السريع للاتفاقيات التجارية بين مختلف الدول. والمبادرات الرامية التي نتج عنها زيادة أنشطة التجارة الدولية وبالتالي توسيع الطلب على الخدمات اللوجستية لمواكبة احتياجات المستوردين والمصدرين.
كما استفاد قطاع الخدمات اللوجستية من التطورات التكنولوجية الحديثة، والعولمة، والتكامل، والتشريعات الجديدة، والتحالفات. تشمل التطورات التكنولوجية معدات معالجة المواد الآلية، والقياسات الحيوية، والروبوتات، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS). فهي تمكن الشركات من العمل بكفاءة أكبر، ما يؤدي إلى نمو السوق العالمية. كما أن الارتفاع المستمر في التجارة الإلكترونية والتسوق عبر الإنترنت يدعم أيضًا نمو السوق.
تعمل الصناعات الدوائية والأغذية والمشروبات أيضًا على دفع السوق، حيث تشهد نموًا مستمرًا.
هذا وعلى السوق البحرينية أن تكون على استعداد لمواجهة تحديات سوق الاستحواذ على الشاحنات في العام 2024، لتكون أكثر نشاطًا، مع احتمال أن تدفع ظروف السوق المشترين والبائعين إلى الطاولة. ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة وتحسن ظروف السوق إلى ارتفاع نسبة الاستيعاب السوقي، ما يمنح المشترين المزيد من القوة الشرائية مع توسعهم جغرافيًا وإضافة الخدمات والعملاء.
وستظل التحسينات في إدارة العمليات اللوجستية تمثل اتجاهًا رئيسا في القطاع البحري، حيث تظل مرونة سلاسل التوريد والشبكة اللوجستية العالمية تحت الأنظار، في ظل استمرار التحول الرقمي، الذي من شأنه توفير فرص جديدة للاندماج والاستحواذ في القطاع البحري مع تطوير منصات بحرية بإدارة الذكاء الاصطناعي.
ويبقى التساؤل بينما يتطلع السوق إلى عمليات لوجستية أكثر مواكبة للعمليات العالمية من حيث الآلية:
هل ستتمكن السوق اللوجستية البحرينية من طرح استراتيجيات من شأنها تقليل الوقت الذي تقضيه الشاحنات في الميناء وزيادة إنتاجية الرافعات الجسرية وإطلاق حزمة جديدة من الخدمات للمستوردين والمصدرين؟