“خلك بخيل”... هي المقولة الذهبية لأفضل رواد ورجال الأعمال المعاصرين الذين اشتهروا بحكمتهم وفنهم المطلق في طرق الاستثمار المعاصر بلا شك وهو تعبير مزاجي عن الاقتصاد وفن تقليل المصاريف، خصوصا للذين قد يتباهون بنجاحهم عن طريق مستوى فخامة مكاتبهم أو طرق ومستوى الرفاهية المعيشية والتي لا يوجد حد حاليا لها مع جنون التبذير و”السوشيال ميديا” وشهرة المشاهير، حيث أصبح الكل سباقا إلى مواكبة أكثر الطرق بذخا في اللبس واقتناء السيارات والسفر، والتي بالتأكيد لا تنم عن نشاط أو نجاح تجاري مطلقا.
والحقيقة إني ابتدأت المقال “خلك بخيل” لأعود لكم في وصف جديد آخر يناقض تلك المقولة الاستثمارية بعدما شاهدت فيديو لشابة من صناع محتوى أقنعتني حتى النخاع بعكس ذلك. وليس من العيب أن نعترف بقدرات الجيل الصاعد العشريني بطرح الأفكار الاستثمارية بحداثة ومناقشة كبار رواد الأعمال بفكر أعمق بكثير.
الشابة تحدثت عن أحد رواد الأعمال الأميركيين الذين اخترعوا منتجا للتوفير على المزارعين تكلفة الماء لري الأشجار المثمرة حيث عبر عن ربح منتج لكل قطعة دولار واحد والذي يعتبر مبلغا زهيدا جدا في الوقت الحالي، وعندما طالبه المستثمرون برفع مستوى ربحيته في المنتج بالشراكة معهم مقابل الدعم، رفض المزارع الأميركي ذلك بحجة أن أساس نجاح المنتج معقولية الربح والدعم والفائدة المرجوة من المنتج نظرا لمراعاة احتياج المشترين من المزارعين وقدرتهم المالية وإعادة تعريف المستهلك أو المشتري بأنه النواة الحقيقية للأمن الغذائي في أميركا.
النتيجة الغريبة من المعادلة أنه بالرغم من تقييم الشركة قبل الاستثمار والتوسع في خط إنتاج المنتج كان 750 ألف دولار إلى تقييمها الحالي في 2024 يفوق الخمسين مليون دولار أي أكثر من ستين ضعفا برغم من ضعف هامشية الربح والتوسع في خط الإنتاج في تسعين دولة، ووفرت 90 % من المياه الري على المزارعين وهو ما يحقق مبدأ الشراكة المجتمعية الحقيقية بدعم التاجر أولا ليتمكن من دوره المطلوب في القوامة المجتمعية، والحقيقة أنه ليس من السهل التنازل عن هامش الأرباح لنظرة أكبر وأوسع شمولية حتى لو كنا نتكلم من منابر صحافية تعنى بالشأن الإقتصادي.
لكن من واقع تجاري أتعايش في التجارة لأني رائدة أعمال، فإنه بالتأكيد أن دينار حلو المذاق وإذا تضاعف فإنه أحلى، ولعلي لا أجيد ضرب الأمثلة لكن يوجد تجار بحرينيون صاعدون يعتبرون حديثا من صناع الملايين ولكن لهم بصمات وأياد بيضاء واضحة ملأوا أعينهم بحب الناس كذاك الذي علق شعارا عنوانه (# حب التحدي وعشق الإنجاز) بالإضافة لدوره الريادي المجتمعي في تبني التمويل والعناية بالخدمات، الحدائق العامة وفتحها مجانا للناس ومساعدة ذوي الهمم وحتى منح تعويضات مالية لبعض صغار التجار من المنكوبين في إحدى الحرائق التجارية.
وليس هذا المثال الأول والأخير بالتأكيد لنفرض مقولة جديدة الإيقاع بلهجة بحرينية “خلك كريما”، وليس مثل كرم حاتم الطائي في ذبح الشاة لضيفه! لكننا في زمن نحتاج الخدمات التجارية والدعم المعنوي قبل المادي من كبار التجار لحديثي المجال من الشباب كما فعلها أحد التجار البحرينيين في برنامج “بيبان” مع رائد الأعمال صاحب منتج كبسولات القهوة والذي أصبح منتجا بحرينيا بامتياز بالإضافة إلى نقل ذلك التاجر البحريني من نجاح إلى آخر بتوفيق إلهي ونجاح مضاعف وهو شيء عجزت أن أحسبه بالخوارزميات أو بالآلة الحاسبة بل لربما هي رؤية حقيقية لتاجر والمستثمر الحقيقي عندما يستثمر في مجتمعه.