في خضم الأحداث العالمية التي شهدت انقطاعًا واسع النطاق للأنظمة التقنية، أصبح من الضروري إعادة التفكير في بنية الأمن السيبراني والبنية التحتية التقنية المحلية في منطقتنا. هذا الانقطاع أظهر بوضوح مدى الاعتماد الكبير على التكنولوجيا العالمية والحاجة الملحة لبناء أنظمة محلية قادرة على الصمود في وجه الأزمات.
وخلال هذه الأحداث وتصفحي جهازي المحمول، ظهر لي إعلان قديم يعود لعام 1989 لشركة “صخر”، وهي شركة كويتية كانت رائدة في تطوير الحواسيب والبرمجيات باللغة العربية في الثمانينيات. شركة “صخر” لم تكن مجرد مشروع تجاري، بل كانت تجربة ملهمة تكشف عن الإمكانيات الكبيرة لدعم التكنولوجيا المحلية. للأسف لم تحصل “صخر” على الدعم الكافي في المنطقة، ما أدى إلى تراجعها وعدم استمراريتها. إن تجربة “صخر” تُعتبر فرصة كبيرة ضاعت كان من الممكن أن تحول منطقة الشرق الأوسط إلى مركز تقني رائد. فالدعم الحكومي القوي والاستثمار في المشاريع المحلية كان من شأنه أن يعزز الأمن السيبراني ويوفر فرص عمل للشباب ويعزز الاقتصاد المحلي.
اليوم، نجد أنفسنا أمام تحديات مشابهة. الانقطاع الأخير في الأنظمة العالمية يبين بوضوح أننا بحاجة إلى تبني رؤية استراتيجية لتعزيز التكنولوجيا المحلية. هذا يشمل ليس فقط الدعم المالي، لكن أيضًا توفير بيئة تشريعية داعمة وتشجيع الابتكار المحلي. لدينا في منطقة الخليج العربي، خصوصا في البحرين، العديد من العقول اللامعة والموهوبة القادرة على الابتكار والتطوير.
إن بناء نظام تقني محلي قوي ومستقل سيساهم في تعزيز الأمن الوطني وحماية البيانات الحساسة، كما سيوفر بدائل محلية تقلل الاعتماد على الأنظمة الخارجية. كما أن الاستثمار في التكنولوجيا المحلية يعد استثمارًا في مستقبل أبنائنا واقتصادنا.
لنأخذ من تجربة “صخر” عبرة ولنعمل على دعم التكنولوجيا المحلية بشكل أكبر. هذه هي اللحظة التي يجب فيها على الحكومات والمجتمعات أن تتكاتف لدعم الابتكار المحلي وبناء بنية تحتية تقنية قوية ومستدامة. دعونا نعمل معًا لخلق قصص نجاح جديدة، تضمن لنا الاستقرار التقني والاقتصادي وتضعنا في مقدمة الدول الرائدة في مجال التكنولوجيا.
ختامًا، لا ينبغي أن تكون الانقطاعات العالمية سببًا للخوف، بل يجب أن تكون دافعًا لنا للعمل بجدية أكبر نحو تحقيق الاكتفاء التقني المحلي وضمان مستقبل أكثر أمانًا واستدامة لمنطقتنا.
خبير تقني