كان لافتاً ما قام به الكاتب الكبير أسامة الغزالي حرب من دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى زيارته في منزله خلال رسالة مفتوحة نشرها في الأهرام قائلا: “إني أدعوك لزيارة خاصة لي في بيتي في مصر. لقد سبق لي عن اقتناع أن استقبلت سفيرة دولة إسرائيل في مصر متوقعا وآملا في تحولات حقيقية ملموسة في السياسة الإسرائيلية تجاه مصر والقضية الفلسطينية، وفي ذلك الوقت قالت السفيرة أميرة أورون (مواليد الإسكندرية) إنها كانت أول مرة تدعى فيها إلى زيارة بيت مصري!”. ويضيف الغزالي: “تعرضت أنا شخصيا بسبب هذا الموقف لإدانات شديدة من نقابة الصحفيين المصرية الرافضة للتطبيع مع إسرائيل، لكنني كنت مقتنعاً بموقفي، فليس في السياسة كما قال تشرشل أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون، إنما مصالح دائمة. واليوم أقدم تلك الدعوة لكم بصراحة وبلا مواربة لزيارتي في مصر، مصر التي تعرفها جيدا وتعرف تاريخ أجدادكم معها، لا لكي تنهال على رأسي لعنات مناهضي التطبيع، إنما لكي أحظى بشرف تسليمكم إلى المحكمة الجنائية الدولية.
بالطبع سوف يزول العجب من هذه الدعوة مع السطر الأخير، فالكاتب سوف يسلم نتنياهو إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد إصدارها قرار القبض عليه. والدكتور أسامة الغزالي حرب كان من أشد دعاة التطبيع مع إسرائيل، قام بزيارة إلى تل أبيب، وكان يلتقي المسؤولين الإسرائيليين عند زياراتهم مصر، كما دعا السفيرة الإسرائيلية إلى منزله، وتعرض بسبب ذلك إلى مضايقات وانتقادات شديدة أدت إلى رسوبه في انتخابات نقابة الصحفيين عندما ترشح لمنصب النقيب أمام جلال عارف، لكن بعد عمليات القتل والإبادة التي تقوم بها إسرائيل في غزة تحول موقفه إلى النقيض تماما، بكى على شاشات التلفزيون وكتب اعتذاراً عن دعوته للتطبيع قائلا: إنني اليوم وقد تابعت بغضب وسخط وألم ما حدث ومازال يحدث من جرائم وفظائع في غزة يندى لها جبين الإنسانية. “المقال كاملا في الموقع الإلكتروني”.
*مدير تحرير “الأهرام”
أقول: إننى أعتذر عن حسن ظني بالإسرائيليين الذين كشفوا عن روح عنصرية إجرامية بغيضة، أعتذر لشهداء غزة ولكل طفل وامرأة ورجل فلسطيني، إنني أعتذر.
كان تحول أنصار التطبيع إيذانا بتغير الصورة الذهنية عن إسرائيل لدى المجتمع الدولي، فأعلنت ثلاث دول أوروبية اعترافها بالدولة الفلسطينية، وجاء قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بإصدار مذكرة اعتقال نتنياهو ووزير دفاعه يواف جالانت عنوانا ليقظة ضمير العدالة الغائب، واكتملت الدائرة بقرار محكمة العدل الدولية إيقاف الحرب على رفح، ضاق الخناق على نتنياهو، خسر أنصاره في المؤسسات الدولية، ما يجعل قيام أميركا بحمايته لن يعفيه من أن يظل طوال عمره قلقا مهددا بالقبض عليه في 124 دولة أعضاء المحكمة الجنائية الدولية، ناهيك عن لعنة التاريخ وعذاب الضمير لو كان لديه ضمير.
مدير تحرير “الأهرام”