منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر واندلاع الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، تقف نقابة الصحافيين المصريين التي أتشرف بالانضمام إليها، موقفا مشرفا تجاه القضية الفلسطينية، وتتفاعل بشكل إيجابي مع ما يجري في غزة، وقد نظمت خلال العدوان العديد من الفعاليات التضامنية وأطلقت حملة إغاثية.
94 يوما من العدوان الذي خلف آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين، والزميل وائل الدحدوح أصبح قصة صغيرة تعبر عن ما يجري في غزة الصابرة المحتسب، لقد فقد وائل الدحدوح رمز الصمود عددا كبيرا من عائلته، وعلى الرغم من ذلك تماسك ولم يترك عمله وخرج على الهواء ليباشر عمله على قناة الجزيرة لينقل الصورة، ثم بعدها بأيام تم استهدافه واستشهد زميله المصور سامر أبودقة إثر هذا الاستهداف، لكن الدحدوح نجا من الموت مجددا، وما إن لبس وعاد وهو مصاب في الكتف وفي أماكن متفرقة في جسده أكمل مهمته وهو يحتاج إلى جراحة في الكتف وهو يمسك الميكرفون مجددا وينقل الصورة والحدث. القوات الإسرائيلية تستهدف الصحافيين الذين ينقلون الصورة للعالم والذين ساهموا بشكل أساسي في كشف حقيقتهم أمام الشعوب، وعلى الرغم من ذلك تدعمها الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، والتي تساعد إسرائيل في تنفيذ مخطط تهجير سكان قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية.
حقيقة لا أستغرب إطلاقا استهداف القوات الإسرائيلية التي أصيبت بالجنون من المقاومة وهي تصب جام غضبها على المدنيين وتستهدف الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام، والذين ينقلون الحقيقة، رغبة في عدم نقلهم حرب الإبادة الجماعية، لقد استشهد حتى كتابة هذه السطور أكثر من 109 صحافيين، آخرهم الزميلان الصحافيان مصطفى ثريا، وحمزة وائل الدحدوح، حيث استهدفتهم القوات الإسرائيلية.
في سياق متصل، أعلن مجلس نقابة الصحافيين المصريين، عن منح الزميل وائل الدحدوح جائزة حرية الصحافة لعام 2024 تمجيدا لصموده وصمود الصحافيين الفلسطينيين، وهو يستحقها بجدارة، فهو يتحمل ما لا يتحمله بشر في زماننا هذا.
ووافق مجلس نقابة الصحافيين برئاسة خالد البلشي نقيب الصحافيين في اجتماعه الأربعاء الماضي - 3 يناير الجاري - على توصية مجلس أمناء جوائز الصحافة المصرية بترشيح الصحافي الفلسطيني وائل الدحدوح للحصول على جائزة "حرية الصحافة"، عام 2024، كرمز لصمود الصحافيين الفلسطينيين في وجه العدوان الصهيوني الغاشم، وآلة حربه الوحشية.
ويأتى ترشيح الدحدوح تكريمًا لشهداء الصحافة الفلسطينية، والذين دفعوا حياتهم ثمنًا لنقل الحقيقة، وفضح جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، كما فضحوا بصمودهم الرواية الصهيونية الزائفة، وأكاذيب الإعلام الغربي، وانتصروا للحقيقة.
وكذلك تقديرًا لتضحية الدحدوح الشخصية، ودوره المهنى، بعد أن ضرب مثلًا في التضحية من أجل نقل الحقيقة، وبعد أن دفع ثمن إخلاصه لمهنته، ومهنيته باستهداف زوجته، واثنين من أبنائه، وحفيده ارتقوا شهداء، لكنه أصر على أداء دوره المهني، ومواصلة عمله الصحافي بعدها، وهو ما كرره بعد استهدافه بشكل مباشر هو وزميله الشهيد سامر أبو دقة، وكذلك بعد ارتقاء نجله الزميل الصحافي حمزة الدحدوح ليؤسس عنوانًا جديدًا للصمود الفلسطيني ويعود عقب كل محنة كالعنقاء مواصلًا نقله الحقيقة والانتصار للقضية الفلسطينية.
يذكر أن جائزة نقابة الصحافيين المصرية لـ "حرية الصحافة" تمنح للصحافيين الذين يؤدون دورًا بارزًا في الدفاع عن حرية الصحافة، سواء بكتاباتهم، أو عملهم الصحافي، أو مواقفهم، أو أنشطتهم الفكرية والنقابية، أو ممن يتعرضون للضغوط بسبب دفاعهم عن حرية الصحافة، وحقوق الصحافيين، ويجوز منحها للأفراد من غير الصحافيين، الذين يقومون بهذا الدور، كما يجوز منحها لإحدى الشخصيات الاعتبارية العامة والخاصة إذا ما أسهمت بفعالية في نصرة حرية الصحافة والدفاع عن الصحافيين.
يشار إلى أن جرائم استهداف الصحافيين الفلسطينيين لا تنفصل عن سياق عام، وجريمة وحشية في حق كل الشعب الفلسطيني، وفي حق ناقلي الحقيقة على أرض فلسطين، والتي أسفرت حتى الآن عن استشهاد عشرات الصحافيين، والعاملين في مجال الإعلام، فضلًا عن استهداف العشرات من أسرهم، وتدمير مقرات أكثر من 65 وسيلة إعلام فلسطيني، بالإضافة لاعتقالات طالت 18 زميلًا في محاولة لطمس الحقيقة، لكن بطولة الصحافيين الفلسطينيين جاءت للتصدي لهذه الجرائم الوحشية وفضحها.
وشدد مجلس نقابة الصحافيين المصريين على أن فضح هذه الجرائم من خلال الصحافة ومحاكمة مرتكبيها هو الذي سيغلق الباب أمام إفلات مرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات الصهيونية ضد الصحافيين، والمدنيين الفلسطينيين من العقاب، وهو السبيل الذي سيغلق الباب أمام إمعان جيش الاحتلال في ارتكاب المزيد من هذه الجرائم.
وشدد مجلس النقابة على أن الاحتلال الصهيوني سيستمر في قتل الصحافيين والمدنيين الأبرياء طالما بقي بلا عقاب، مشددا على ضرورة التحرك لمحاسبة ومحاكمة مجرمي الحرب عن جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني.
كاتب مصري