+A
A-

“الحجامـون المعالجـون”... لا يعملـون فـي الخفـاء

  • عائشة‭ ‬بوحمود‭: ‬في‭ ‬كشوف‭ ‬الجمعية‭ ‬60‭ ‬حجامًا‭ ‬مرخصًا‭ ‬ونحتضن‭ ‬كل‭ ‬المعالجين

  • محمد‭ ‬دراج‭: ‬متفقون‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬تطبيق‭ ‬الأنظمة‭ ‬ونأمل‭ ‬في‭ ‬استئناف‭ ‬دورات‭ ‬الترخيص

  • سارة‭ ‬سالم‭: ‬‭ ‬الحجامون‭ ‬البحرينيون‭ ‬“متمكنون‭ ‬بجدارة”‭ ‬ويمتلكون‭ ‬خبرة‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة

 

في العام 2018، شهدت مهنة الحجامة الشعبية تطورًا واضحًا بوضع اشتراطات من قبل هيئة تنظيم المهن الصحية والمجلس الأعلى للصحة يلزم توافرها فيمن يمارسون هذه المهنة، تلتها خطوة أخرى في ذلك الوقت بدعوة كافة الحجامين الشعبيين والتواصل معهم؛ للبدء بتأهيلهم وتدريبهم على أداء الحجامة بالطريقة السليمة والصحيحة، وهي خطوة لاقت استحسان الحجامين وتجاوبهم وكذلك جمعية البحرينية للحجامة.

خطوات تنظيمية
لكن العشرات إن لم يكن المئات من الحجامين البحرينيين ما يزالون ينتظرون أن تشملهم الإجراءات المؤهلة للحصول على الترخيص بما في ذلك الدورات المتخصصة، وإذا عدنا إلى العام 2018، فإن ما تم إعلانه آنذاك من جانب هيئة تنظيم المهن الصحية “نهرا” هو الشروع في العديد من الخطوات التنظيمية، وكخطوة أولى تم الطلب من جميع الحجامين أخذ دورات متخصصة في الإسعافات الأولية، بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر البحرينية، فيما خصصت ورشة العمل الثانية لتزويد الحجامين بالإجراءات الواجب اتباعها لمكافحة العدوى أثناء عملية الحجامة، وكذلك آلية التخلص من النفايات الطبية التي يستخدمونها سواء أدوات الحجامة أو الشاش أو الدم بعد التحجيم”.

اعتماد ونشر
بالإضافة إلى ذلك، فإن خطوة مهمة اتخذتها الهيئة وهي التعاون مع مركز الشارقة العالمي للطب الشمولي، وهو المركز المعتمد من وزارة الصحة في دولة الإمارات العربية المتحدة، والهدف هو تنظيم ورشة لتدريب الحجامين على الأساليب الصحيحة للحجامة، ووفق الآلية، فإن الممارسين الشعبيين للحجامة، يتم اعتمادهم حجامين معتمدين، وتنشر أسماؤهم بموقع الهيئة، وبالتالي سيكون لدى المواطن أو المقيم معرفة بالحجامين المعتمدين الذين اجتازوا جميع الدورات المطلوبة؛ لضمان سلامة المريض الذي سيتعرض للحجامة.
لكن، ماذا عن الحجامين الذين لم يتم اعتمادهم، وبالتالي لم يتم نشر أسمائهم ضمن المرخصين؟ كيف يعملون؟ لاسيما أن غالبيتهم يكسبون مصدر رزقهم من هذه المهنة؟ وهم يصرحون بوضوح حاجتهم للترخيص؛ كونهم لا يريدون العمل في الخفاء وبما يخالف القوانين. هذا المحور كأن الأبرز في جلسة حوارية نظمتها صحيفة “البلاد”، تم إلقاء الضوء على جوانب عديدة ترتبط بمهنة الحجامة الشعبية، جوهرها التالي:

الجمعية.. مظلة
بدايةً، سألنا رئيسة الجمعية البحرينية للحجامة عائشة بوحمود عن واقع المهنة ودور الجمعية وأهدافها، فعبرت عن الاعتزاز والتقدير للعاملين في هذه المهنة، والشكر موصول للجهات الرسمية التي كان وما يزال دورها فعالا في دعم وتطوير مهنة الحجامة من جهة، والحجامون من جهة أخرى علميًا وعمليًا، ولهذا فإن الجمعية منذ تأسيسها في العام 2017 وإشهارها رسميًا في العام 2018 هي المظلة التي تحتضن الحجام الشعبي وتسعى لتحقيق أهدافها الرامية إلى الاهتمام بالمهنة من جميع جوانبها، بما يضمن توافر بيئة العمل المناسبة للعاملين بالمهنة.

تخصصات الحجامة
وفق ما تقدم، يسرني الإشارة إلى أن في مملكة البحرين، هناك قرابة 167 حجامًا من الجنسين، ومن بينهم كوادر صحية أو حجامون شعبيون، أما بالنسبة لعضوية الجمعية، فهي تضم 60 عضوًا من الجنسين المسجلين في الكشوف، ومنهم من جدد عضويته، ومنهم من لم يجددها حتى الآن ولكن عموما، تقع على عاتقنا مسؤولية تطوير قدرات كل حجام وتقديم أنشطة وبرامج تسهم في تنمية معارف ومهارات الأعضاء، أما من ناحية دور الجمعية تجاه المجتمع، فهي تساهم في توعية المجتمع والتعريف بالمهنة، ليس تقنيًا فقط، بل علميًا أيضًا، فكما تعلمون، على الصعيد المهني، نحتضن الحجامين وننظم العمل ونتبادل الخبرات والأفكار، خصوصًا أن للحجامة تخصصات عدة وليس تخصصًا واحدًا، منها الحجامة النبوية، ومنها الرياضية، ومنها التجميلية.. فتبارك الله هناك قرابة 32 تخصصا للحجامة.

لا نرد أحدًا
وإجابة عن سؤال يتعلق بوجود أعضاء مرخصين وغير مرخصين وكيف هو وضع غير المرخصين، تجيب بوحمود ”نحن جمعية حاضنة ولا نرد أي أحد راغب في نيل العضوية، ونسعى كذلك مع الجهات الرسمية للعمل وفق القوانين والأنظمة وننسق معهم وفق خطة العمل والتوجه، زد على ذلك أن الحجام المرخص بإمكانه العمل في العيادات الطبية وليس في منزله فقط، وهناك من يعمل في العيادات الخاصة بعد أن اجتاز متطلبات الحصول على الترخيص.

الناس تسأل؟
تشارك الحجامة سارة سالم، التي تمتلك خبرة 13 عامًا في الحديث، فتقول إن دور الجمعية حيوي ومهم وعلى قدر كبير من الأهمية، لأن الكثير من البحرينيين متمكنون من المهنة بجدارة ويمتلكون خبرة سنوات طويلة من العمل، والجمعية حين تستضيف الخبراء وتقدم لنا الاستشارات والتوجيه، وتنشط في نشر الوعي والمعرفة عبر منصات التواصل الاجتماعي، فهي تخدم المهنة، حتى أن أحد الصحافيين سألني ذات مرة ”كيف يعرفكم الناس وأنتم تعملون في البيوت وليس لديكم منصات؟”، وهنا موضع المشكلة بالنسبة لنا، إذ إننا لا نستطيع التعريف بأنفسنا كحجامين طالما لا نملك الترخيص الرسمي، وهذا يؤثر على عملنا.

مضينا وفق الخطوات
يؤكد الحجام محمد دراج الذي يعتبر من فئة الحجامين البحرينيين ذوي الخبرة والتمكن من المهنة، أنه لو نظرنا إلى العاملين في المهنة سنجد أنهم ذوو التزام تام بكل متطلبات العمل وفق أعلى المعايير، بل يتابعون كل المستجدات في هذه المجال ليطوروا أنفسهم وليكتسبوا مزيدا من المعارف التي تصقل خبرتهم علميًا وعمليًا، ومن ناحية الجمعية، فكما أشارت الأختان عائشة وسارة، فدور الجمعية مهمة من جهة الاستفادة من تجارب ذوي الخبرة وما يطرحونه من موضوعات مهمة نابعة من تجارب شخصية وكذلك من جهة تنظيم الفعاليات والأنشطة ومتابعة الدراسات وتقديمها للفائدة في ورش العمل والحلقات النقاشية، وبالطبع، كل ذلك يهمنا كحجامين والشكر والتقدير للقائمين على الجمعية.

متى الدور؟
نسأل ”ما المشكلة في عدم الحصول على الترخيص؟”، ويختصر دراج القول بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن كل الحجامين الذين يمكن اعتبارهم على قائمة الانتظار منذ العام 2018 حتى اللحظة: “طلبنا الوحيد هو أن يتم استئناف خطوات منح الترخيص للحجامين من الجنسين ممن ينتظرون دورهم، ولا يعلمون، متى سيأتي ذلك الدور؟”، لكنه يشرح بعض الخطوات، فيقول: تواصلنا مع “نهرا” عبر الجمعية بشأن الانضمام إلى الدورات المؤهلة للحصول على الترخيص، وقدم الحجامون والحجامات الراغبون المستندات المطلوبة.

مصدر خبرة
آنذاك - والكلام لدراج - أبلغونا بضرورة اجتياز دورة في الإسعافات الأولية مع منح الراغبين الموافقة؛ للحصول على التطعيم ضد الكبد الوبائي “ب” في المراكز الصحية على 3 جرعات وكذلك إجراء الفحص الطبي، وبالمناسبة، كل الحجامين غير المرخصين استفادوا من الزملاء في الجمعية ممن سبقونا في الحصول على التراخيص، حيث إنهم يمثلون مصدر خبرة ويختصرون علينا الكثير من الأمور المهمة والضرورية.. على سبيل المثال: جهوزية المكان والأدوات وحتى السرير والكرسي الطبي المهيأ لإجراء الحجامة.
نافلة القول، إن العديد من الزملاء غير المرخصين ينتظرون استكمال الإجراءات، ومنها انتظار ورشة العمل التدريبية للتخلص من العدوى والنفايات الطبية، وهي بالطبع مدفوعة ضمن الدعم الذي يقدمه صندوق العمل “تمكين” إلى الدورة النهائية للحجامة، وفاجأتنا جائحة كورونا كوفيد 19 وتوقف كل شيء، لكن الظروف مهيأة الآن لاستئناف ترخيص الحجامين.

مستمرون في التواصل
نوجه السؤال إلى رئيسة الجمعية عائشة بوحمود، مع الإشارة إلى أننا كنا نود مشاركة ممثل من الجهة الرسمية، وكذلك بعض الحجامين المرخصين لتكتمل الصورة، إنما مع ذلك، فالسؤال: ”ما دور الجمعية لاستكمال إجراءات ترخيص من لم يحصل على رخصته؟” فتنوه إلى أن العمل لم يقف عند نقطة معينة، ومع التنسيق والتواصل مع الجهات الرسمية والالتزام بأنظمتها وقوانينها، كذلك نتواصل مع الحجامين الذين نؤمن تمامًا بأنهم يريدون العمل بشكل قانوني حالهم حال زملائهم المرخصين، لكن كل ما أستطيع قوله إننا ماضون في التواصل ونخاطب وننسق لمساعدة الزملاء في الحصول على تراخيصهم، وبغض النظر عن مدة رئاستي للجمعية أو المسمى الأكاديمي، فإنني أجزم بأن الحجام البحريني متمكن من مزاولة المهنة بالطريقة الصحيحة.

500 حجام شعبي
يلتقط دراج الحديث مستندًا إلى تصريح صحافي نشرته صحيفة “البلاد” في شهر ديسمبر من العام 2018 يتضمن فكرة إطلاق أول مشروع وطني تحت مظلة الهيئة وبتعاون وثيق مع وزارة الصحة والمجلس الأعلى للبيئة، وبدعم كامل من “تمكين”، لتقنين وترخيص مهنة الحجامة بالبحرين، ومنح الحجامين الشعبين البحرينيين تصاريح عمل، مثل المهن الصحية الأخرى، وضمن الضوابط والمعايير التي تفرضها الهيئة على مزاولي المهنة. ويمارس المهنة في البحرين نحو 500 من الحجامين الشعبيين”. (انتهى الاقتباس)، ليواصل دراج: “هذه التوجهات بالتأكيد نالت استحسان وإعجاب كل الحجامين، فمضمونها رفع مهارة ووعي الحجام الشعبي للعمل بشكل آمن، وعدم العمل في الخفاء وبحيث يواكب متطلبات العمل الطبي الآمن كذلك، ونحن في الحقيقة تفاعلنا وتفاءلنا وتجاوبنا وبادرنا بالتسجيل، ونكرر ذات السؤال: ”متى سيأتي دورنا؟ فكل المقومات موجودة، ومنها دعم “تمكين”.. الناس تنتظر”.

لن أقول “الحجام الشعبي”
تلتقط رئيسة الجمعية عائشة بوحمود طرف الحديث لتؤكد مجددًا: إننا في انتظار نتيجة التواصل مع الجهات الرسمية؛ لكي تفتح المجال لإعداد الحجام المؤهل، ولن أقول “الحجام الشعبي” بل سأستخدم مصطلح “الحجام المعالج”؛ لأنهم يعملون بأسلوب علمي ولا يقتصرون على الخبرة فقط، وأكثر من ذلك، يعملون وفق متطلبات الترخيص للمهنة، ويهمنا كجمعية أن يتم تفعيل الإجراءات مجددًا للراغبين من الحجامين.
“نهرا” و “الأعلى للصحة”
من بين النقاط الحوارية ما أجمع عليه المشاركون من أن مهنة الحجامة وصلت إلى مستوى متقدم، إلا أنه بعد جائحة كورونا تطلب الأمر أن يتم استحداث الترخيص وأخذت هيئة تنظيم المهن الصحية “نهرا” زمام المبادرة ووضعت اللبنة الأساسية، وبعد ذلك، فإن التراخيص تصدر عن المجلس الأعلى للصحة، وعلى العموم، فإن الشكر والتقدير للجهتين على هذه الجهود.
وبلسان الحجامين غير المرخصين، تؤكد سارة أنهم جميعًا مهتمون بالمشاركة في اللقاءات وورش العمل؛ لأنهم مهتمون بتطوير أنفسهم ومتابعة المستجدات، فيما يشير دراج إلى أن دور الجمعية الداعم للحجامين مهم ومحوري، وندرك ألا أحد يريد أن يتضرر الحجامون وأن يحصلوا على تراخيصهم ليستمروا في عملهم، وتوافقهم رئيسة الجمعية عائشة بوحمود في كون الجمعية كمؤسسة أهلية لها نظامها واختصاصها وأهدافها، فكما أن هناك جمعيات للأطباء والمهندسين وغيرهم من ذوي المهن، فنحن نخدم الحجام الشعبي الممارس، ونشترك معهم بالتأكيد فيما يطمحون إليه.
ختامًا، تبدو الآراء متوافقة بين الحجامين ومظلتهم، ألا وهي جمعية الحجامة البحرينية، في فتح المجال للحجامين الذين لم يحصلوا على التراخيص؛ لكي يستأنفوا العمل وفق الضوابط القانونية، وربما يأتي الجواب من وزارة الصحة، أو المجلس الأعلى للصحة، أو هيئة تنظيم المهن الصحية، ولا ريب في أنهم لن يتأخروا في تحقيق ما يتطلع إليه الحجامون الشعبيون البحرينيون.