العدد 5491
الجمعة 27 أكتوبر 2023
banner
ميلاد العزة والكرامة.. بين النصر والطوفان
الجمعة 27 أكتوبر 2023

أكتب هذا المقال بمناسبة يوم مولدي في شهر أكتوبر، وقد كُتب لي قدرٌ جميل أن أولد في هذا الشهر خصيصًا، شهر النصر والتحرير، شهر انتصار السادس من أكتوبر، يوم أن قالت مصر وبكل قوتها، لا للاحتلال الإسرائيلي، لا للعدوان. لقد نشأتُ وأنا أسمع قصص هذا النصر العظيم، وكيف قاتل المصريون بكل شجاعة وبسالة، حتى تمكّنوا من تحرير الأرض من المحتل الغاشم، وقد كان هذا النصر بالنسبة لي مصدر إلهام كبيرًا، ودافعًا لي لأكون مواطنًا صالحًا، أدافع عن وطني بكل ما أملك.
لقد نسج طوفان الأقصى، يوم السابع من أكتوبر الجاري، ملحمة متصلة بملحمة أكتوبر حققت خلالها المقاومة الفلسطينية نصرًا مفاجئًا للعالم أجمع، أحيا صرخة فلسطين من جديد وفتح أبواب الأمل لنصر كامل مؤزّر قد يكون للعرب دور فيه لا يقل عن دورهم في نصر أكتوبر المجيد، هذا إن عادت رياح الوحدة العربية تهب من جديد.
لقد أذهلني ما قدمته المقاومة الفلسطينية من صحوة مدروسة ونصر حتى وإن كان مؤقتًا، فإن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي، ولكن أصبحت مراسم الدفن الجماعي لشهداء ما بعد الطوفان نكبة ألحقت بالنصر، تستلزم وقفة جادة تعيد رسم المسار الصحيح في أرض مغتصبة تُمارس عليها وحشية وهمجية متعمدة ضد أهلها الأصليين أصحاب الأرض المقدسة.
صحيح أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم أبدًا، وستظل أرحام الأمهات تنجب أبطالًا يقضون أرواحهم من أجل الدفاع عن وطنهم، وستظل العيون الثكلى تبكي، وسيكتم الرجال قهرٌ الله يعلمه، وكل ذلك أمام أعين العالم الجالس في مقعد المتفرج في مسرح القتال، ولن تعلو صيحة النصر إلا بتحول المتفرجين لخشبة المسرح وممارسة دور رئيس يصحح مسار الأحداث.
لقد حظي أكتوبر بذاكرتين تاريخيتين لن يمرا بسلام كل عام على المتربص بالعرب، وسيظل كل عام بدلًا من البكاء يوم واحد، سيتذكر خيباته في يومين متتاليين لن يبرحا تاريخه المكتظ بالتشرذم ومناطحة سماء الكِبر رغم وقوفه على قشة فوق ماء الحياة كُتب له فيها "لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ".
وختامًا سيظل أكتوبر شهر عزتنا. وغزة أبيّة على الانكسار مهما فعلت الآلة الاسرائيلية.

كاتب مصري

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .