العدد 5488
الثلاثاء 24 أكتوبر 2023
قمة الحرب وقمة السلام
الثلاثاء 24 أكتوبر 2023

نحن في مصر حاربنا وفاوضنا وناورنا وجاورنا إسرائيل حربا وسلاما منذ أعوام طويلة، ومازالت لدينا القدرة على أن نمد أيدينا بالسلام، وجاءت قمة القاهرة للسلام منذ يومين بحضور ٣٤ دولة وأمين عام الأمم المتحدة وأمين الجامعة العربية ورئيس المجلس الأوروبي وأمين الاتحاد الأفريقي لتؤكد ثوابت الأمن القومي المصري، وتضع العالم الحر أمام ضميره، أو طبقا لقول الرئيس السيسي: هذه لحظة نختبر فيها إنسانيتنا. القمة التي تداعى لها عدد من قادة العالم كشفت عن التفكير الحضاري لمصر صاحبة الحضارة التي تضرب في التاريخ سبعة آلاف عام.


المفارقة أن الولايات المتحدة الأميركية التي ترفع رايات الحرية والعدالة وحقوق الإنسان ضمن حزمة شعارات تدعي أنها تحمي قيمها جاءت إلى المنطقة لتحضر مجلس حرب في إسرائيل! إنه سلوك تحكمه المصالح والصراعات، وكذلك البعد الحضاري والأخلاقي الكامن في شخصية الدول.


عندما نتذكر أن أميركا تهدد بعض البلاد وتحاصرها وتقطع عنها المعونات بحجة حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، نندهش ونسأل ألا يدخل ما يحدث في غزة من حصار وقتل وتدمير وإبادة في باب حقوق الإنسان؟! أما الإجابة الغريبة بأن حماس بدأت حربا مروعة في ٧ أكتوبر، فهي إجابة عاجزة وناقصة، الحرب بدأت يوم احتلال فلسطين وتدمير حقول الزيتون وسرقة الأراضي وبناء المستوطنات منذ حوالي 75 عاما وليس منذ أيام فقط! لكن الذاكرة الأميركية بدت ضعيفة وربما أصابها الوهن. حركت أميركا حاملتي طائرات إلى شرق المتوسط وجاء الرئيس بايدن ليحضر مجلس الحرب في إسرائيل قبيل اجتياح غزة. لأن فصيلا من الفلسطينيين استطاع أن يوجه صفعة قاسية إلى إسرائيل مثل تلك الصفعات التي يتلقاها الفلسطينيون منذ عشرات السنين دون أن يتحرك ضمير العالم الغاضب لصفعة فلسطينية وحيدة على وجه إسرائيل.

ضمير العالم الغربي لا ينظر إلى الماضي الفلسطيني المنكوب بالاحتلال ولا حاضره المحاصر أو مستقبله المهدد بالتهجير، لذلك تداعى العقلاء إلى قمة سلام في القاهرة تختبر إنسانية العالم وضميره لو كانت هناك بقية من إنسانية أو ضمير.

كاتب مصري

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية