العدد 5481
الثلاثاء 17 أكتوبر 2023
صراع المهزومين في غزة
الثلاثاء 17 أكتوبر 2023

الحرب المستعرة في غزة يشعل أوارها عدد من المهزومين والمتصارعين في حروب مباشرة وغير مباشرة أيضا. حركت أميركا حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى شرق المتوسط ثم أتبعتها بأخرى في استعراض قوة يرهب الأعداء والأصدقاء، لينسى العالم حرب أوكرانيا التي أشعلتها بالدعم المالي والعتاد العسكري إلى كييف، ثم رأت أنها حرب بلا نصر، فامتنع الكونجرس عن إرسال المعونات إليها. أميركا التي لا تقبل الهزيمة كان لابد أن تنقل المعركة إلى مكان آخر تستعرض فيه قوتها العسكرية ترهب وتخيف، لذلك تلقفت ما حدث من ضربة موجعة لإسرائيل ذراعها الطولى وحركت أساطيلها كنوع من الهروب للأمام، زودت تل أبيب بأحدث الأسلحة وأشدها تدميرا، أعطتها قنابل ضد التحصينات والأنفاق، قنابل استخدمتها واشنطن في جبال تورا بورا، كانت ترفض أن تعطيها لإسرائيل من قبل، اليوم تعطيها هذا السلاح ليكتمل استعراض القوة، فهنا لا توجد روسيا حيث السلاح لأوكرانيا بحساب! تتحرك أميركا كأنها هي التي ضربت، وإن كانت الضربة في أوكرانيا فما أسهل النصر على شعب غزة الأعزل!

روسيا تنفست الصعداء بهذا الانتقال المفاجئ والسريع لجبهة القتال العالمية من أوكرانيا إلى غزة، آن لبوتين أن يمد ساقيه ويقول بحل الدولتين، لقد قضم مساحة كبيرة من أوكرانيا تجعله يتفاوض بقوة كلاعب رئيسي في عالم أراده متعدد الأقطاب، لم يتوقف بوتين عن لعب دور على المسرح العالمي رغم المستنقع الأوكراني، استطاع أن يطرد النفوذ الفرنسي من بعض دول أفريقيا كالنيجر وغيرها. إيران التي تلقت العديد من الضربات الإسرائيلية والأميركية أدت إلى مقتل علماء وقادة إيرانيين، ترد الصاع صاعين بعد نجاح إحدى أذرعها أي حماس في تكبيد إسرائيل خسائر فادحة وهزيمة مذلة يوم ٧ أكتوبر، دون أن يستطيع أحد أن يدينها.


في الحقيقة، إن المهزومين والمتصارعين في غزة ليسوا أميركا وإيران وروسيا وإسرائيل فقط، لكن المجتمع الدولي كله يقف مهزوما وعاجزا عن إيجاد حل للقضية الفلسطينية منذ عشرات السنين.
وما يحدث اليوم من صراع المهزومين الذين يختبئون وراء حروب الوكالة تجنباً للحرب المباشرة ستكون نتيجته بالتأكيد تدمير غزة، أما من يمسكون بخيوط اللعب لن يصيبهم أي ضرر، هم لا يخوضون الحروب، فهناك من يحارب نيابة عنهم، هم يستعرضون قواتهم فقط قبل أن ينقلوا حروبهم تلك إلى مكان آخر، يتم تدميره أيضا لينعم المنهزمون والمنتصرون الكبار بالأمان على حساب جثث الأبرياء في غزة وغيرها.

كاتب مصري

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية