يقول رسول الله (ص): “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”. إذ إن الإتقان والجودة وجهان لعملة واحدة، لذا حض الإسلام على الاهتمام بالجودة في مختلف نواحي الحياة، والاهتمام فيها.
ويقاس تطور حياة المجتمعات، والتنمية المستدامة بمدى جودة ما تنتج أو ما تقدم من خدمات؛ لذلك إذا ذهبنا للسوق للتبضع واقتناء أي شيء، نبحث في بعض الأحيان عن بلد المنشأ أو اسم الماركة؛ لأنها تعكس مدى جودتها، وجودة المنتج تؤدى في النهاية إلى بناء السمعة أو الصيت؛ مما يؤثر بدوره على خيارات المستهلك.
إن مصطلح الجودة يدخل في مختلف مناحي حياتنا اليومية، في العمل، في المنتجات، الخدمات، الحياة نفسها مثل الهواء، والأكل، ونظافة المياه، وله العديد من التعاريف منها سمات المنتج أو الخدمة المقدمة بحيث يرضي أهداف المستهلك.
فعلى سبيل المثال إن جودة حياتنا تعتمد على جودة الهواء، جودة الماء، جودة الطعام، الصحة النفسية، مدى القيام بالرياضة، والحصول على تعليم جيد، التنقل، العمل وغيرها من الأمور.
إن الجودة ليست أرقاما ولا إحصاءات أو مجموعة من الورق المنظم الذي يدعم رؤية المؤسسة أو الفرد، إنما هي أسلوب حياة، وممارسة حقيقية بعيدة عن التكلف أو التزلف، حتى نستطيع المساهمة في البناء المجتمعي وتحقيق التقدم المطلوب.
يهدف البعض من الحصول على شهادة من مؤسسات تهدف الربح المادي، وذلك ليؤكد جودة ما يقوم به أو يقدمه، إلا أن هذه الشهادات لا معنى لها إذا لم تعكس حقيقية الممارسات التي ينبغي السير فيها، وإلا ستكون حبرا على ورق، بل ستكون وبالا على المؤسسة.
وأول خطوات تحقيق الجودة في أي شأن أو مؤسسة، هو وجود معايير تسير عليها المؤسسة للحكم علي مدى نجاعة الإجراءات والممارسات التي تنتهجها، والاعتراف بالمشكلات التي تعاني منها المؤسسة، والبحث عن أسبابها، وبعد وضع الخطط الطوعية لحلها، والتجرد من أي شخصنة للحلول المقترحة، ومراقبة التقدم في حل هذه المشكلات، والمتابعة المستمرة، إضافة إلى تطوير النظم والممارسات ومتابعة تأثيرها علي سير العمل في المؤسسة.
المشكلة التي نعاني منها في الوطن العربي غالبا، أننا لا نعترف بالمشكلة، وحتى لو اعترفنا بها، غالبا ما نقوم باجراءات تعكس مصالحنا الشخصية أو تتأثر بها، وهذا الأمر في النهاية يؤدي إلى الفشل في تحقيق مبتغانا، أو ضياع المؤسسة وفشلها.
لذا ينبغي أن نومن بحقيقة فكرة الجودة وفلسفتها وليس قشورها، وأن يرافق ذلك ممارسات سلوكية عملية تطبق المفهوم على أرض الواقع.
* أكاديمي بحريني