يقوم العالم العبقري بتصرفات غريبة ينظر إليها الناس بدهشة، لكن مع مرور الأيام والسنين يكتشفون أن التصرف الغريب كان من علامات العبقرية والنبوغ. ولو نظرنا إلى أعظم علماء العالم "إسحق نيوتن" (1642 - 1727)، سنجد أنه كان طفلا متمردا، وكان المدرسون يشتكون من إهماله دروسه رغم أنه يقرأ كثيراً في كل شيء! كما أنه يهوى جمع الأشياء القديمة، والمسامير، والأخشاب، والمناشير، أي ما نطلق عليه "الروبابكيا"، ليصنع منها أدوات بسيطة، ولم يهتم أي من أفراد أسرته بهواياته وقدراته العلمية، واعتبروها "شقاوة" أطفال أضحكتهم، خصوصا أنه ولد قليل الحجم، يرتدي دعامة عنق تحمل رأسه على كتفيه في شهوره الأولى، بل ولم يتوقع أحد أن يظل حيا، وأكثر من ذلك مات أبوه قبل ولادته وتزوجت أمه فكفلته جدته العجوز، فأصبح التأمل في الكون ومحاولة فك أسراره البديل عن غياب الأبوين. بعد موت زوجها أخرجته أمه من المدرسة ليعمل بالفلاحة، لكن أحد الأعمام لاحظ عليه امارات الذكاء فأعاده مرة أخرى للمدرسة ثم التحق بجامعة كامبريدج.
حادثة التفاحة التي قلبت حياته وحياة البشرية حدثت له في منزل والدته، حيث كان يقضي إجازته متأملا بين الحقول وفجأة سقطت تفاحة من شجرة مجاورة على الأرض، وأخذ يفكر لماذا سقطت على الأرض، ولماذا لم ترتفع إلى السماء؟ حتى توصل إلى قانون الجاذبية. لتسطع عبقرية نيوتن ويتم انتخابه وهو في السابعة والعشرين من عمره عضوا بمجلس العموم البريطاني، ويعين أستاذا للرياضيات بجامعة كامبريدج، لكن لم تتوقف تصرفات نيوتن الغريبة فقد كان مثالاً للأستاذ شارد الذهن، ولم يشاهده أحد يسلي نفسه بأي شيء، ولو بنزهة بسيطة، يعمل حتى الثالثة صباحاً، يأكل قليلا أو ينسى أن يتناول طعامه، وإذا ذكره شخص بذلك يذهب ليتناول طعامه وهو واقف على المنضدة، ويقال إنه كان يلقي محاضراته في قاعة خالية بنفس الحماس الذي يلقيه والقاعة غاصة بالطلاب.
الغريب في حياته التي تمتلئ بالغرائب اختياره ليكون محافظا لدار سك النقود، ثم مديرا لها عام 1696، حتى أصبح رئيساً للجمعية الملكية، لذلك قال البعض إن عبقريته احترقت، وإنه بعد أن أقام أسس علم البصريات واخترع حساب التفاضل والتكامل، وكشف عن نظام حركة الكون، لم يعد لديه ما يضيفه إلى ميدان العلم. ومات عن 85 عاما ودفن في مقابر العظماء بلندن.
كاتب مصري