كان العالم الفيزيائي الشهير ألبرت آينشتاين (1879 - 1955) يدعو إلى تدريس الحب، يقول: إن كتبنا المدرسية تمجد الحروب وتخفي ويلاتها وتغرس الكراهية في شرايين الأطفال، وأنا أفضل تدريس السلام على تدريس الحرب، وتدريس الحب على تدريس الكراهية.
ولم يكن هذا غريبا عليه، فقد كان يدعو مع الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل وعلماء آخرين إلى العمل على فرض حظر على تطوير الأسلحة النووية، والتي اعتبرها أكبر تهديد لبقاء الجنس البشري.
كان آينشتاين المولود بألمانيا والفائز بجائزة نوبل عام 1921 يفسر الحرب العالمية الأولى بأنها كانت نتيجة مكر الطبقات الحاكمة وانعدام كفاءتها، وأصبح من دعاة السلام واصفاً الحرب بأنها “تضليل وبائي”، ولم يحمه من السجن إلا جنسيته السويسرية حين تم سجن صديقه راسل في بريطانيا خلال نفس الفترة الزمنية، ورغم ذلك ظل ينادي بالعفو عن المسجونين في ألمانيا، ولما أصبح هتلر مستشارا عام 1933 هرب منها إلى أميركا. ولم يتوقف العالم الكبير عن طرح الأفكار السياسية المثيرة، والتي منها أنه كيهودي يطالب كل اليهود بأن يبذلوا الجهد في سبيل مصادقة العرب، وأن يتفهموا طريقة حياتهم، وهو ما عده البعض إخلاصا للنسبية الحضارية. الغريب أن آينشتاين الذي كان من أهم دعاة السلام في العالم استجاب لدعوة عدد من العلماء عام 1939، وكتب خطابا إلى الرئيس الأميركي روزفلت يقترح فيه تطوير قنبلة نووية قبل أن تسبق ألمانيا إلى هذه الخطوة، ما كان له أكبر الأثر في تأسيس مشروع مانهاتن لإنتاج القنبلة الذرية، فقد كان الخوف من هتلر والنازية مريعا، والعالم لم يكن ليحتمل نتيجة وصوله للسلاح النووي. كان آينشتاين يحلم بعالم يسوده السلام، مكرسا حياته للبحث عن عالم آخر مواز، يقول: هناك يوجد العالم هائل الحجم الذي يتواجد مستقلا عنا نحن البشر ويقف أمامنا كلغز كبير أبدي لا يمكن لحواسنا وتفكيرنا أن تصل إليه إلا بصورة جزئية.
فمتى يصل العلم إلى هذا العالم لتصدق رؤية آينشتاين كما صدقت نظريته النسبية.
* كاتب مصري