العدد 5351
الجمعة 09 يونيو 2023
banner
كيف أحب القراءة؟
الجمعة 09 يونيو 2023

كل فترة يقابلني شخص يحملني مسؤولية الإجابة عن هذا السؤال، ستحبها عندما تنسى كتب المدرسة التي ارتبطت في عقلك الباطن بأسئلة وامتحانات ونجاح ورسوب. القراءة لعبة اسمها “ماذا تفعل لو كنت مكاني؟”. ماذا تفعل لو كنت مكاني أمام هذا الجمال؟ الخوف، الحيرة، الوحدة، الفراق، القلق، الخطر، الوجد، اللوعة، الاختيارات الإنسانية المحيرة، الحب الذي يكاد يعصف بجدران حياتك، الرغبة في الانتقام التي تطير النوم، مشقات الصعود، إحباطات الهزيمة، أسئلة الوجود، صمت الراحلين، رائحة من تحبهم، علامات الطريق الغامضة وعلامات الأحداث القديمة في الروح وعلامات الاستفهام التي تكبر حتى تكاد تلتهم كل ما يقابلها؟
القراءة.. فرص الحياة المؤجلة تتحقق، البلاد التي لم تزرها، والثروة التي لم تجنها، والأشخاص الذين حلمت بهم ولم تلتقهم، كل ما سبق وأكثر يحضر بين يديك وقوامه الحبر والورق والخيال. في القراءة ستعثر على فرصة التعلم في مدرسة الآخرين مجانا. أن تعيش 1000 حياة وتحب 1000 مرة وتنجو دائما دون إصابة واحدة. هدايا المطابع وموسيقى الإضاءة الخافتة وشغف الصفحة المقبلة. هناك بقية للقصة موجودة عندك دائما، لديك حلول ربما أفضل، ونهايات قد ترضيك، وكلام كنت تتمنى لو أنه يقال في هذا الموقف، أنت شريك في اللعبة، وهي اللعبة الوحيدة تقريبا التي تعلو فيها الإثارة بلا ضجيج، وتسرع ضربات قلبك دون خطر، وتحيط بك على هامشها الأناقة مهما كان الذي ترتديه وقتها، وتخطفك سعادة تحير من قد يمر إلى جوارك في هذه اللحظة.
مغامرة الوقت التي لا تعرف الخسارة، لن تندم على وقت ضاع بين صفحات كتاب ما، الكتاب الرديء يخبرك عن نفسك أضعاف ما يخبرك به الكتاب الجيد، الكتاب الرديء يقول لك إنك أصبحت أفضل، تحسن ذوقك في القراءة والفهم وفي استطعام ما تخبئه السطور، ولم يعد هذا المستوى يرضيك، نضجت وانتقلت إلى مستوى أعلى بما يشمله هذا الانتقال من كل المعاني الإنسانية والذوقية والمعرفية. القراءة فعل أكبر من الكتب، هي طريقة للتعامل مع تجربة الحياة.. اقرأ الأشخاص واللوحات وخرائط البلاد وعروق يديك وابتسامة من تحبهم والتمريرات الذكية التي تنتهي بهدف. القراءة مرآة المصعد التي تخبرك عن نفسك ما لم تكن تعرف. هي مخبأ يدلك على طريق.. وطريق يدلك على مخبأ.
* كاتب مصري

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية