العدد 5226
السبت 04 فبراير 2023
banner
الشركات ملتزمة بتحمّل مسؤولياتها
السبت 04 فبراير 2023

يشهد النظام المالي العالمي من حولنا تغيرات متسارعة تدفعها مجموعة من التوجهات الكبرى الناجمة عن ضغوط المجتمعات نحو زيادة التدخلات التنظيمية لدعم التزامات السياسات العالمية، مثل إزالة الانبعاثات الكربونية من أنشطتنا الاقتصادية، وزيادة الرقابة على الاستهلاك. ولذلك، يشهد التمويل المستدام في المرحلة الحالية نموًا تاريخيًا.
وتفسر هذه الديناميكية العالمية لماذا لم تعد الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) أمرًا ثانويًا، فهي مفاهيم تدخل في جميع مجالات التمويل والاستثمارات والأنشطة الأخرى ضمن نظام الخدمات المالية بأكمله. ولهذا يتزايد التوجه نحو مبادئ الحوكمة التي وُجدت لتبقى، سواء في إدارة الثروات الخاصة، أو في إدارة أعمال الشركات العائلية، أو استثمارات الشركات والمؤسسات. وتعمل الهيئات السيادية وشبه السيادية على تحفيز الاستثمار وإضفاء الطابع الرسمي على هذه السياسات داخل مؤسساتها، وتسعى لدعم نموها على نطاق اقتصاداتها بصورة أوسع.
وبالعودة إلى العام 2016، بلغت قيمة أصول الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات على مستوى العالم 30 تريليون دولار، ومن المتوقع لها أن تتجاوز 100 تريليون دولار بحلول العام 2028، وأن تصل إلى 150 تريليون دولار بحلول العام 2034، بحسب “دويتشه بنك” والتحالف العالمي للاستثمارات المستدامة. ويعد هذا التحول في رأس المال الخاص نحو الأنشطة التي تدعم بناء مستقبل مستدام أمرًا ضروريًا إذا ما أردنا معالجة أكثر القضايا إلحاحًا في العالم.
ويمثل كل حرف من اختصار الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) مخاطرة يجب على جميع الشركات المالية والمستثمرين أن يكونوا على دراية بها، حيث يمثل الحرف “E” المعايير البيئية ويأخذ في الاعتبار أداء الشركة بصفتها مسؤولة عن البيئة والطبيعة، ويمثل الحرف “S” المسؤولية الاجتماعية التي تهتم بإدارة الشركة للعلاقات مع الموظفين والموردين والعملاء والمجتمعات التي تعمل فيها، في حين يرمز الحرف “G” إلى حوكمة الشركة لتعاملات القيادة وأجور المسؤولين التنفيذيين والتدقيق والضوابط الداخلية والامتثال التنظيمي وحقوق المساهمين.
إلا أن الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لم تعد مجرد بادرة لطيفة، أو تمرينًا روتينيًا بسيطًا، فهناك توقعات لالتزام الشركات بتضمين وتحقيق أهداف إستراتيجية ذات مغزى لهذه المفاهيم. ولنأخذ على سبيل المثال مفهوم “المحصلة صافي الصفرية”، أو الحياد الكربوني، حيث يفترض على الشركات أن تحدد إستراتيجيات تحول واضحة، وأن تستثمر في البنية التحتية الذكية، وأن تُظهر مستوى خفض الانبعاثات الكربونية على المدى المتوسط والبعيد. وفي النهاية، ستجد المؤسسات التي تفشل في تبني معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أن هذه المفاهيم أصبحت مقتصرة على أعمالها فحسب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية