لقد ابتعدت عن والدتي منذ كنت في سن الطفولة، جراء انفصالها عن أبي، من ثمَّ قرر والدي أن يتزوج بأخرى، وكنت آنذاك واعيًا وخائفًا من قصص الشر التي غالبًا ما ترتبط بزوجات الأب اللواتي، وحسب ما تروي عنهنّ الأساطير، بأنهنَّ يفتقدن لغريزة الأمومة وليست لديهنّ القدرة على المحبة والعطاء.
كنت أنسج في مخيّلتي صورا لزوجة الأب، استلهمتها من المسلسلات، ومن روايات الطفولة والقصص الشعبية المتداولة حولها، بأنها زوجة أب مستبدّة وعابسة و”مكشرة”، سوطها بيدها، تحيك المؤامرات مقنعةً أبي بأن يقسو عليّ أنا وإخوتي ويكرهنا.
والمفارقة أن زوجة والدي كانت خلاف ذلك، وإذ هي حنون عطوف بل ومربّية فاضلة، أفنت عمرها في تربيتي مع إخوتي مع أننا لسنا من دمها ولحمها.
من هنا أيقنت ان الأم التي تلد الأبناء تستحق بامتياز لقب الأمومة، أما من تربي وتتعب وتضفي مشاعر الأمومة الحقيقية على غير أولادها لعلها تتخطى ذلك المنصب بجدارة لتكون ملكة على الأمهات وسيدتهنّ.
وعلى ذات المنوال، فكما أن الأم ليست فقط التي تلد بل التي تربي وتحتضن؛ فالوطن أيضا هو في عيني ليس فقط الذي تترعرع فيه منذ الصغر او حيث جذورك وأصولك منه، فسيّد الأوطان هو من احتضنك وأمَّن لك البيئة والفرص والإمكانيات لتتفوق في الحياة، وهو من آمن بك ومهَّد لك الطريق ووفر لك مكانًا بين أفراد الشعب.
إنها مملكة البحرين يا سادة، ومن هنا وبهذه المناسبة أهنئ ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهم الله ورعاهم وكل الشعب البحريني بالعيد الوطني أدام الله على المملكة امنها وامانها ورفعتها.
كما وأتوجّه إلى زملائي رجال الاعمال والمستثمرين قائلا لهم، إن أرض البحرين هي أرض تحقيق الأحلام، فإن كنت تبحث عن بنية تحتية قوية وموقعٍ جغرافي لوجستي، وقوانين وإجراءات وتسهيلات، وعن معاملةٍ حسن وبيئة رائعة للعيش انت وعائلتك، أنصحك وبشدة بمملكة البحرين.
شكرا لمن لا أناديها إلا أمي، “ثناء العربي” وشكرا لمن لا أناديه إلا وطني مملكة البحرين.
* رئيس تنفيذي وشريك مؤسس لشركة GPS