لا يختلف اثنان على أهمية الوقت في حياة الإنسان بشكل خاص، ومدى فاعليته في شتى مناحي الحياة بشكل عام، ولا ريب أن تنظيم الوقت يشكل حجر الزاوية في بناء التوازن بين الحاجات والواجبات، فمعظم المشاريع الإنمائية الناجحة على مستوى العالم إنما خرجت من رحم هذا التوازن، بل دعت كل الأديان السماوية إلى المحافظة على الوقت واستغلاله بما يعود علينا وعلى الآخرين بالنفع، ولا شك أن هدر الوقت – بالمقابل - له آثار سلبية كثيرة ونتائج وخيمة على الأفراد والمجتمعات.
فقد أثبتت الدراسات الميدانية أن تنظيم الدوام المدرسي – وهو محور حديثنا - يعد من العوامل المؤثرة في سير العملية التعليمية بسلاسة ونجاح، بل وطالب خبراء تربويون في الدول المتقدمة بالعدول عن إطالة ساعات الدوام المدرسي لما له من آثار سلبية على التركيز الذهني للطلبة وبالتالي خفض معدل الاستيعاب لديهم، وهو بلا شك يتعارض مع أهداف المنظومة التعليمية.
إن حسن استغلال الوقت في الجدول الدراسي اليومي من شأنه توفير الكثير من الجهد والمال في ذات الوقت، حيث إن الوقت هو رأس المال من منظور أهل الاقتصاد وكذلك الحال عندما يتم ربطه بالعملية التعليمية، فالتعليم لا يقل أهمية عن الاقتصاد إن لم يكن هو الأهم، فإذا كان الأمر كذلك – وهو كذلك - فإن عدد ساعات الدوام في المدارس حالياً وطريقة ربطها بجدولة الدروس يعتبر ضرباً من التخبط العشوائي.
إن الجيل الحالي والمنفتح على العالم من بوابة الشبكة العنكبوتية وبمساعدة الأدوات الرقمية المتوفرة تقريباً في كل منزل، لا يمكن أن يتقيد بكرسي الدراسة ولمدد طويلة دون مراعاة الجانب الفيسيولوجي المهم في حياتهم –شئنا أم أبينا - حيث لا يمكن إهماله أو مناكفته في ذات الوقت، فقد أصبح واقعاً يجب وضعه في الاعتبار عند الخضوع لأية عملية حسابية تتعلق بتنظيم الوقت وجدولة الدروس اليومية.
ولنا أن نتساءل!! هل التحصيل العلمي في المدارس مرتبط بعدد ساعات الدوام؟ هل هناك تنظيم للوقت مقابل زيادة أو نقص عدد ساعات الدوام المدرسي؟ ما هي الرغبات والواجبات التي يجب وضعها في الحسبان وربطها بتنظيم الوقت الدراسي وبنسب متوازنة عند جدولة المواد الدراسية؟ والسؤال الأهم، ما هو تأثير كل ذلك على سير العملية التربوية؟ الجواب في المقال القادم.