العدد 4902
الخميس 17 مارس 2022
banner
ذلك ديدنهم
الخميس 17 مارس 2022

يبدو أن النظام الإيراني لم ولن يتعلم الدرس أبداً، ذلك ما يبرر دورانه في الفلك المظلم الذي يقبع فيه حالياً والعزلة الدولية التي فرضها على نفسه قبل أن يفرضها عليه المجتمع الدولي، فلم تكن تمضي سويعات قليلة بعد إعلان بغداد احتضانها الجولة الخامسة من المفاوضات السعودية - الإيرانية حتى عادت حليمة لعادتها القديمة المتجددة في دس أنفها في الشؤون الداخلية لدول الجوار.
فطهران التي أعلنت تعليق المفاوضات مع السعودية احتجاجاً على تنفيذ المملكة شرع الله بإعدام عدد من المحكومين لديها في قضايا إرهابية تعلم أنها المتضرر الأول من قرارها ذلك، فالنظام الإيراني يحتاج لتلك المفاوضات أكثر من أية دولة أخرى، فهو الطرف المتأزم والمنبوذ في تفاعلاته الدولية، إلا أن استعلاء واستكبار طهران وقراراتها المترتبة على ذلك ستكبدها بالتأكيد الكثير والكثير.
فقبل سنوات وفي مشهد مماثل قامت طهران بتصعيد شنيع بعد أن احتجت على إعدام المملكة العربية السعودية مواطنا أدين بالإرهاب، الأمر الذي وصل لانتهاك حرمة المباني الدبلوماسية والاعتداء على القنصلية السعودية في إيران، الأمر الذي ترتب عليه قطع العلاقات السعودية الإيرانية، وهو ما كبد طهران العديد من الخسائر، ذلك أن المملكة العربية السعودية تمتلك العديد من المقومات التي تجعل منها لاعباً مهماً ومؤثراً ليس على الساحة الإقليمية فحسب بل حتى على الساحة الدولية.
أجهل كيف قام صانع القرار السياسي في طهران بحساب موقفه الأخير، هل يعتقد أنه وفي ظل تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية وأزمة الطاقة أن المجتمع الدولي سيرخي القيود عليه، وأن الفرصة اليوم مواتية لتتويج جولات مفاوضات فيينا باتفاق جديد تعود من خلاله طهران لوضع يدها في يد اللاعبين الكبار وتستغني بذلك عن تصحيح العلاقات مع المملكة العربية السعودية.
إذا كانت طهران قد وضعت حساباتها وخططها بناء على ذلك فهي قد حشرت نفسها في زاوية حرجة إن لم تكن فعلت ذلك أساساً، فبغض النظر عما ستؤول إليه مفاوضاتها مع دول الخمسة زائد واحد تبقى المملكة العربية السعودية أحد أهم أقطاب النظام الدولي، ومن الصعب جداً تجاهل أو تعويض الضرر اللاحق بطهران نتيجة سلوكها الشاذ في المنطقة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية