ثلاثة أعضاء عرب ضمن لجنة تحكيم جائزة الآغا خان للعمارة
أعلنت جائزة الآغا خان للعمارة قبل أيام عن أعضاء لجنة التحكيم العليا لدورة عام 2020-2022، التي تبلغ قيمتها المالية مليون دولار أمريكي، حيث ضمت اللجنة هذا العام تسعة أعضاء يمثلون تجارب معمارية وثقافية وفنية متعددة ومن مناطق جغرافية مختلفة، من بينهم أعضاء ثلاثة أعضاء بارزين من المنطقة العربية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يكون فيها للخبرات العربية حضور مؤثر وهام في هذه الجائزة، التي تعتبر واحدة من أهم وأقدم جوائز العمارة في العالم حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1977 عندما أطلقها للمرة الأولى الأمير كريم آغا خان مؤسس هذه الجائزة ورئيس لجنتها التوجيهية. إذ لطالما كانت الخبرات والتجارب العربية من المحيط إلى الخليج حاضرة، سواء بالمشاركة في لجنة التحكيم العليا للجائزة، أو في لجنتها التوجيهية، أو حتى الفوز بواحدة من الجوائز المحدودة التي تقدمها الجائزة كل ثلاثة أعوام، وآخرها كانت ثلاثة مشاريع عربية رائعة حصلت على الجائزة في دورتها الأخيرة في عام 2019، وهي مشروع إحياء مدينة المحرق في المنامة (البحرين)، ومشروع المتحف الفلسطيني في بيرزيت (فلسطين) وأخيراً مشروع مركز واسط للأراضي الرطبة في الامارات العربية المتحدة.
وبالعودة إلى الأعضاء الثلاثة العرب في لجنة التحكيم العليا لجائزة الآغا خان للعمارة في دورتها الحالية التي تمتد حتى أواخرالعام القادم، فهم السيدة ندى الحسن وهي مهندسة معمارية متخصصة في مجال الترميم والحفاظ على التراث المعماري والعمراني. يغطي نشاطها المهني مجال حماية وإدارة التراث الثقافي في أوروبا والقارة الإفريقية والدول العربية. أدارت السيدة ندى الحسن ونفّذت عدة مشاريع في مجال الترميم المعماري والحضري في إطار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع البنك الدولي والمفوضية الأوروبية واليونسكو وذلك ضمن مسار التعاون الدولي. كما تولّت إدارة "وحدة التراث الثقافي" في "مشروع بيت لحم 2000"، فضلاً عن الاهتمام بإعادة التأهيل الحضري في بيت لحم. في حين أدارت في سوريا برنامجٍ لتطوير السياحة الثقافية. كما أشرفت على أعمال إعادة مسلة أكسوم العملاقة إلى موقعها الأصلي في شمالي إثيوبيا.
عملت ندى الحسن بين عامي 2010 و2013 على تنسيق مبادرات قطاع الثقافة لليونسكو المتعلقة بالتنمية المستدامة، وذلك كجزء من الاستعدادات لخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لما بعد عام 2015. كما تولّت بين عامي 2013 و2018 منصب رئيس وحدة الدول العربية في مركز التراث العالمي لليونسكو، حيث راقبت تنفيذ اتفاقية التراث العالمي في المنطقة، وساهمت بنشاط في تطوير الاستجابات الإستراتيجية القابلة للتطبيق المتعلقة بقضايا التراث وإعادة الإعمار في سياق النزاع المسلح.
انضمت ندى الحسن في يناير 2019 إلى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة) لمدة عامين، حيث عملت كرئيس للمكتب الإقليمي الفرعي للمغرب العربي (تونس والجزائر وليبيا والمغرب). كما أنشأت من تونس مكاتب لبرنامج "موئل الأمم المتحدة "في البلدان الأربعة وقدّمت جداول الأعمال المتعلقة بالمناطق الحضرية والموئل على المستويين الوطني والإقليمي الفرعي، من ضمنها فرق الأمم المتحدة القطرية عبر المنطقة الفرعية. وتتولى ندى الحسن حالياً منصب المستشارة الثقافية للمدير العام لمنظمة اليونسكو.
أما الفنان قادر عطية، فهو أيضاً من الأعضاء البارزين في هذه اللجنة ويمثل تجربة فنية مختلفة تماما عن التجارب الأخرى المشاركة في اللجنة. ويهتم الفنان قادر باستكشاف الآثار الواسعة النطاق للهيمنة الثقافية الغربية وللاستعمار. محور أطروحاته الفنية يدور حول "فكرة التعافي من الصدمات النفسية"، وفيها يرى أنه يمكن للتعافي أن يحدث من خلال تصوير التجارب البشرية وربط هيئات المعرفة المتنوعة، من ضمنها العمارة، الموسيقى، التحليل النفسي، العلوم الطبية، العلاج التقليدي والمعتقدات الروحية. وهو يعمل مع وسائط فنية متعددة بدءاً من النحت إلى التصوير والفيديو، فضلاً عن تركيزه على إصلاح الأضرار الثقافية والنفسية للتاريخ الاستعماري. وهذا النهج مستوحى من تجربة نشأته بين الجزائر وضواحي باريس.
عرضت أعمال عطية في عدة بيناليات (معارض تقام دورياً كل عامين)، منها "بينالي شانغهاي"؛ "بينالي غوانغجو"؛ "مانيفستا"؛ "باليرمو"؛ "بينالي البندقية"؛ "البندقية"؛ "دوكومنتا" و"كاسل". كما أقام عطية العديد من المعارض الفردية البارزة، منها "تذكر المستقبل"، "كونستهاوس زيورخ" لعام 2020؛ "متحف العاطفة"، "هايوارد غاليري" في لندن لعام 2019؛ "الندوب تذكرنا بأن ماضينا حقيقي" في مؤسسة جوان ميرو في برشلونة عام 2018؛ و"الجراح ها هنا" في متحف كانتون للفنون الجميلة في لوزان عام2015 ؛ إضافةً إلى "صراع الطبيعة" في مركز بيروت للفنون ببيروت عام 2014؛ وغيرها الكثير. كما شارك عطية بمعارض جماعية في"متحف الفن الحديث" بنيويورك و"تيت مودرن" في لندن و"مركز جورج بومبيدو" في باريس.
حصل عطية على جائزة مارسيل دوشامب (2016)؛ جائزة جوان ميرو (2016)؛ وجائزة يانغيون للفنون (2017). وقد أنشأ قادر عطية مساحة مفتوحة للتفكير وعقد المناظرات والأنشطة الثقافية في محطة الشمال "غار دو نور" في باريس عام 2016، إضافةً إلى أنه يُعتبر المنسق المسؤول عن "بينالي برلين" الثاني عشر عام 2022. يعيش عطية ويمارس عمله بين برلين وباريس.
وآخر الأعضاء الثلاثة العرب في لجنة التحكيم العليا لجائزة الآغا خان للعمارة في دورتها الحالية هي السيدة لينا غطمي، وهي مهندسة معمارية فرنسية لبنانية. تتولى إدارة مكتبها "لينا غطمي للعمارة"، وهو مكتب للأنشطة الدولية متعددة التخصصات تأسس في باريس. على غرار التجربة الحية التي عاشتها غطمي في بيروت، حيث وُلدت في عام 1980، يهتم مكتبها بتنسيق "آثار المستقبل"، حيث يتطور كل مشروع بدءاً من كونه بحث تاريخي ومادي شامل وصولاً للتعلم من الماضي من أجل إنشاء أبنية جديدة معاصرة. وتنبثق الأبنية خلال هذه العملية نتيجةً لفهم وثيق لبيئتها، ما يؤدي إلى الوصول لحوار تكافلي وبيئي مع الأرض.
تشتهر لينا غطمي بتصميم "متحف أستونيا الوطني"؛ "رياليمينتي ماسينيا"، وهو عبارة عن برج خشبي مصمم بيئياً ومخصص للتغذية المستدامة في باريس؛ "برج ستون غاردن" في بيروت، والذي يهتم باستضافة الحرف اليدوية. بالإضافة إلى اهتمام مكتبها حالياً بتصميم والإشراف على بناء مصنع "هيرميز" في نورماندي، والذي يُعتبر صديقاً للبيئة ويستهلك القليل من الطاقة، فضلاً عن إعادة التأهيل الحضري لأراضي "مين مونتبارناس" في باريس.
حصلت لينا غطمي على شهادة الهندسة المعمارية من الجامعة الأمريكية في بيروت. وحاضرت على المستوى الدولي ودرّست في كلية الهندسة المعمارية الخاصة. تشغل حالياً مناصب تعليمية في كلية ييل للهندسة المعمارية وجامعة تورنتو، إضافةً إلى كونها الرئيس المشارك للشبكة العلمية حول البنى في البيئات القاسية. وهي حاصلة على العديد من الجوائز، من ضمنها "جائزة تميّز" لعام 2020 "المرأة ذات الإنجاز المتميز"؛ "جائزة كاردان" من أكاديمية الفنون الجميلة الفرنسية لعام 2019؛ جائزة الأكاديمية الفرنسية ديجان لعام 2016؛ الجائزة الكبرى أفيكس لعام2016 ؛ وجائزة "ألبومات المهندسين المعماريين الشباب وتصميم المناظر الطبيعية" الممنوحة من وزارة الثقافة والاتصال الفرنسية لعام 2008. كما رُشّحت غطمي لنيل جائزة شيلينغ للعمارة لعام 2020. تُعرض أعمالها حالياً في مهرجان بينالي البندقية للعمارة السابع عشر، إضافةً إلى اهتمامها وعلى نحوٍ كبيرٍ في النشر في العديد من الكتب والمجلات، من ضمنها "فايدون" للنشر، "مجلة المعهد الملكي لمهندسي العمارة البريطانيين" ومجلتي"دوموس" و"أركيتيتشُرال ريكورد".
وبالإضافة للأعضاء الثلاثة العرب، ضمن لجنة التحكيم العليا للجائزة كل من السيد فرانسيس كيري، أستاذ مشارك "مساعد" في التصميم المعماري بجامعة ميونخ التقنية؛ البروفيسورة آمال أندراوس، عميد كلية الدراسات العليا للهندسة المعمارية والتخطيط والحفظ بجامعة كولومبيا، ومديرة شركة " WORKac" للعمارة في نيويورك؛ البروفيسورة سيبل بوزدوغان، أستاذة زائرة في العمارة الحديثة والعمران بجامعة بوسطن؛ السيدة آن لاكاتون، مؤسِّسة ومديرة شركة العمارة "لاكاتون وفاسال" في بوردو وباريس؛ الأستاذ كازي خالد أشرف، المدير العام لمعهد البنغال للعمارة والمناظر الطبيعية والموائل في دكا؛ والأستاذ نادر طهراني، عميد كلية "إيروين سالمون تشانين" للهندسة المعمارية في "اتحاد كوبر" (كوبر يونيون)، والمدير المؤسس لـشركة "NADAAA" للعمارة والتصميم الحضري في بوسطن ونيويورك.
وعند اختيار لجنة التحكيم العليا قائمة المرشحين المختصرة، ستخضع مشاريعهم لمراجعات دقيقة في مواقعها من قبل خبراء مستقلين، معظمهم مهندسين معماريين أو متخصصين في الحفظ أو مخططين أو مهندسين إنشائيين. بعد ذلك، ستجتمع لجنة التحكيم العليا للمرة الثانية في صيف عام 2022 لدراسة المراجعات في المواقع واختيار الفائزين النهائيين بالجائزة.
ووفقاً للبيان الصحفي الذي صدر عن الجائزة، لا تقتصر عملية الاختيار لنيل الجائزة على المشاريع التي توفر الاحتياجات المادية والاجتماعية والاقتصادية للأشخاص فحسب، بل تتعداها لتشمل ايضاً قدرة هذه المشاريع على التحفيز والاستجابة لتطلعاتهم الثقافية أيضاً. ويتم إيلاء اهتمام خاص لمخططات البناء التي تستخدم الموارد المحلية والتكنولوجيا المناسبة بطرق مبتكرة، كذلك للمشاريع التي من المحتمل أن تلهم جهوداً مماثلة في أماكن أخرى من العالم.
تجدر الإشارة إلى أن جائزة الآغا خان للعمارة تخضع لإدارة لجنة توجيهية يترأسها سمو الآغا خان، بينما تضم قائمة الأعضاء الآخرين في اللجنة التوجيهية للجائزة كل من الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار في المنامة؛ إمري أرولات، مؤسس مكتب إمري أرولات لهندسة العمارة في اسطنبول؛ ميساء البطاينة، مهندسة معمارية وصاحبة "مكتب ميسم معماريون ومهندسون" في عمان؛ السير ديفيد تشيبرفيلد، مدير مكتب ديفيد تشيبرفيلد لمهندسي العمارة في لندن؛ سليمان بشير ديان، مدير معهد الدراسات الإفريقية بجامعة كولومبيا في نيويورك؛ ناصر الرباط، أستاذ الآغا خان للعمارة الإسلامية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج؛ مارينا تبسّم، مديرة شركة مارينا تبسّم لهندسة العمارة في دكا؛ سارة م. وايتينغ، عميد كلية الدراسات العليا للتصميم بجامعة هارفارد في كامبريدج؛ بينما يدير الجائزة السيد فاروخ دراخشاني.