العدد 4589
السبت 08 مايو 2021
banner
أبعد من أزمة “تسريب”
السبت 08 مايو 2021

مازالت وسائل الإعلام الإيرانية والعالمية، وكذلك الأوساط السياسية المحلية والخارجية المهتمة بالشأن الإيراني؛ منشغلة بالأزمة التي فجرتها تسريبات من تصريحات لوزير الخارجية محمد جواد طريف التي وردت في مقابلة إعلامية مطولة معه، وقال إن الكثير منها حُرف أو زُور، وهي تصريحات أثارت غضب المحافظين والمرشد، وسببت له حرجاً بالغاً، فقد عبّر عن مرارة شكواه من تهميشه في مجال اختصاصاته - كوزير خارجية - وكمفوض بإدارة الملف النووي والتفاوض مع الجهات الدولية المعنية حوله، منتقداً هيمنة المؤسستين العسكرية والأمنية على وزارته؛ مشيراً بالاتهام - بوجه خاص - إلى تدخلات قائد فيلق القدس الراحل قاسم سليماني الذي اغتالته واشنطن في العراق في عملية عسكرية، والمعروف بقربه الشديد للمرشد السيد علي خامنئي الرجل الأول في النظام.

لكن من يعرف الوزير طريف جيداً يعلم يقيناً أنه من أبرز الوجوه الإصلاحية البارزة في حكومة الرئيس روحاني الموشكة ولايته على الانتهاء في الانتخابات الرئاسية الوشيكة، ولم تكن تلك الشكوى الأولى من نوعها، وإن اختلفت اللهجة أو تباين الأسلوب، حتى أنه اضطر مرة للاستقالة - لضغوط المحافظين - ثم عدل عنها، وهو معروف أيضاً بوجهه الإصلاحي لدى الأوساط السياسية والأكاديمية في أميركا إبان دراسته فيها غداة ثورة 1979 المجهضة ثمارها.. والحال أن مضامين أفكاره الإصلاحية الجريئة ليست وليدة أزمة التسريب الأخيرة؛ لعلنا نجدها بشكل شفاف في حوار مطوّل أجراه معه طالب الماجستير محمد مهدي راجي بين عامي 2010 و2012، ومُنع من نشره؛ وتُرجم إلى العربية في كتاب بعنوان “سعادة السفير محمد جواد طريف”، وبالتالي فالأمر أبعد من أزمة تسريب لتصريحات رجل تعبر عن أفكاره لسياسات بلاده الخارجية المبغي اتخاذها لحماية أمنها القومي ومصالح شعبه وتخفيف الضغوط الدولية على نظامه، هي أزمة سياسة خارجية لنظام لم يحد قيد أنملة عن خطابه الثوري الديني المتشدد منذ أكثر من 40 عاماً، وهي أزمة لنظام وضع فيتو لفرص الإصلاحيين والتضييق عليهم ويتوجب عليه إجراء إصلاحات جذرية قبل فوات الأوان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .