+A
A-

احتدام الجدل بالبحرين بشأن المادة 188 من قانون الشركات

حميد‭ ‬آل‭ ‬رحمة‭: ‬نتطلع‭ ‬لقانون‭ ‬حوكمة‭ ‬للشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والعائلية

عدنان‭ ‬يوسف‭: ‬التعديلات‭ ‬بشأن‭ ‬المادة‭ ‬188‭ ‬“خطأ‭ ‬كبير”‭ ‬

 

لا‭ ‬يزال‭ ‬الجدل‭ ‬محتدما‭ ‬بشأن‭ ‬المادة‭ ‬188‭ ‬والتي‭ ‬تتعلق‭ ‬بقانون‭ ‬الشركات‭ ‬المعدل‭ ‬والذي‭ ‬جرى‭ ‬سريانه‭ ‬العام‭ ‬2020،‭ ‬والتي‭ ‬تنص‭ ‬على‭  ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬الأجور‭ ‬والمكافآت‭ ‬والنصيب‭ ‬في‭ ‬الأرباح‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬والكشف‭ ‬عن‭ ‬مكافآت‭ ‬أعضاء‭ ‬الإدارة‭ ‬التنفيذية‭ ‬كل‭ ‬على‭ ‬حدة‭.‬

وخلال‭ ‬ندوة‭ ‬عقدتها‭ ‬جمعية‭ ‬الشفافية‭ ‬البحرينية‭ ‬مساء‭ ‬أمس‭ ‬الأول،‭ ‬تمت‭ ‬مناقشة‭ ‬دور‭ ‬الجمعيات‭ ‬العمومية‭ ‬والحوكمة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الشفافية‭ ‬في‭ ‬الشركات،‭ ‬اذ‭ ‬أعتبر‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬المصارف‭ ‬البحرينية،‭ ‬عدنان‭ ‬يوسف،‭ ‬التعديلات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بخصوص‭ ‬المادة‭ ‬188‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬الشركات‭ ‬بأنها‭ ‬“خطأ‭ ‬كبير”‭ ‬بحسب‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭.‬

وكانت‭ ‬وزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬والسياحة‭ ‬أرجأت‭ ‬تنفيذ‭ ‬المادة،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬بموجبها‭ ‬أجور‭ ‬التنفيذيين‭ ‬في‭ ‬تقارير‭ ‬الشركات‭ ‬للعام‭ ‬2020،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬اعتراض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الشركات‭ ‬المساهمة‭.‬

وقال‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬السابق‭ ‬لمجموعة‭ ‬البركة‭ ‬المصرفية،‭ ‬عدنان‭ ‬يوسف‭ ‬“المادة‭ ‬188‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬البسيط‭ ‬أظن‭ ‬أنها‭ ‬غلطة‭ ‬كبيرة”‭.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬المساهم‭ ‬يعلم‭ ‬إجمالي‭ ‬المكافآت‭ ‬التي‭ ‬تصرف‭ ‬وأن‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي‭ ‬يُحاط‭ ‬علما‭ ‬بحجم‭ ‬هذه‭ ‬المكافآت‭ ‬والرواتب،‭ ‬فمن‭ ‬المهم‭ ‬للمساهم‭ ‬معرفة‭ ‬النسبة‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬للمكافآت‭ ‬والأجور‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬النفقات‭ ‬ومقارنتها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬لمعرفة‭ ‬الصورة‭ ‬الحقيقة،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬مرجوة‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬أجور‭ ‬أفراد‭ ‬بعينهم”‭.‬

وأشار‭ ‬يوسف‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرواتب‭ ‬التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬كانت‭ ‬تحتسب‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬الأجنبي‭ ‬يستلم‭ ‬راتب‭  ‬30‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬رأت‭ ‬مجالس‭ ‬الإدارة‭ ‬أن‭ ‬البحريني‭ ‬يدفع‭ ‬له‭  ‬20‭ ‬ألف‭ ‬دينار،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ربما‭ ‬ينظر‭ ‬البعض‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬المحلية‭ ‬البحرينية‭ ‬بالكبيرة‭ ‬جدا،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬النظر‭ ‬وتقدير‭ ‬حجم‭ ‬المسؤولية‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬المسؤول‭ ‬والسوق‭ ‬التي‭ ‬يديرها،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يجرِ‭ ‬استشارة‭ ‬غرفة‭ ‬التجارة‭ ‬وجمعية‭ ‬المصارف‭ ‬البحرينية‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬المادة”‭.‬

‭ ‬أعباء‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الإدارات‭ ‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬أشار‭ ‬عدنان‭ ‬يوسف‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قوانين‭ ‬الحوكمة‭ ‬وضعت‭ ‬أعباء‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬وقلصت‭ ‬مسؤوليات‭ ‬الإدارة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬ونظرا‭ ‬لحجم‭ ‬هذه‭ ‬المسؤوليات‭ ‬بات‭ ‬على‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬إلمام‭ ‬تام‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالشركة،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬صعب‭ ‬توافره‭ ‬في‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬والمتنوعة‭ ‬الأنشطة،‭ ‬كما‭ ‬خلقت‭ ‬المعايير‭ ‬ازدواجية‭ ‬في‭ ‬اللجان‭ ‬مثل‭ ‬لجنة‭ ‬المخاطر‭ ‬ولجنة‭ ‬التدقيق،‭ ‬وحجم‭ ‬المؤسسات‭ ‬لايستدعي‭ ‬هذه‭ ‬الازدواجية‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬اللجان‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬دمجها‭ ‬معا”‭.‬

وتابع‭ ‬بالقول‭ ‬“مع‭ ‬الأسف‭ ‬القوانين‭ ‬تصدر‭ ‬بعقلية‭ ‬بحرينية‭ ‬وهذا‭ ‬خطأ،‭ ‬سوق‭ ‬البحرين‭ ‬سوق‭ ‬متشعبة‭ ‬ومتعددة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أسواق‭ ‬سنغافورة‭ ‬ولندن”‭.‬

واستطرد‭ ‬بالقول‭ ‬“أعمال‭ ‬اللجان‭ ‬الكثيرة‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬التنفيذية‭ ‬أعباء‭ ‬كثيرة‭ ‬تستنزف‭ ‬جهدها‭ ‬الذي‭ ‬يفترض‭ ‬تكرسيه‭ ‬لأعمال‭ ‬الشركة”‭.‬

وبخصوص‭ ‬بقاء‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬مناصبهم‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة،‭ ‬أشار‭ ‬يوسف‭ ‬“هنا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نفرق‭ ‬بين‭ ‬الأعضاء‭ ‬التنفيذيين‭ ‬الذين‭ ‬يكونون‭ ‬بمجلس‭ ‬الادارة‭ ‬بحكم‭ ‬مناصبهم‭ ‬والأعضاء‭ ‬غير‭ ‬التنفيذيين‭ ‬الذين‭ ‬يتم‭ ‬انتخابهم‭ ‬كل‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬ولكن‭ ‬عموما‭ ‬بقاء‭ ‬العضو‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬أثر‭ ‬سلبي،‭ ‬فكل‭ ‬مؤسسة‭ ‬تحتاج‭ ‬لتجديد‭ ‬الدماء،‭ ‬والتجديد‭ ‬يعني‭ ‬جلب‭ ‬رؤى‭ ‬وأفكار‭ ‬جديدة،‭ ‬ومنع‭ ‬تكوين‭ ‬علاقات‭ ‬خاصة”‭.‬

دول‭ ‬عديدة‭ ‬طبقت‭ ‬مفهوم‭ ‬المادة

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أبدى‭ ‬الخبير‭ ‬المصرفي‭ ‬والخبير‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الحوكمة،‭ ‬صالح‭ ‬حسين،‭ ‬استغرابه‭ ‬من‭ ‬التحفظ‭ ‬على‭ ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬الرواتب‭ ‬بحسب‭ ‬المادة‭ ‬188،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دولا‭ ‬طبقتها‭ ‬من‭ ‬عشرات‭ ‬السنين‭ ‬وأن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬طبقت‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬وأن‭ ‬جميع‭ ‬الأجور‭ ‬والأتعاب‭ ‬لأعضاء‭ ‬مجالس‭ ‬الإدارة‭ ‬والإدارة‭ ‬التنفيذية‭ ‬يتم‭ ‬ذكرها‭ ‬حاليا‭ ‬بالتفاصيل‭.‬

ومضى‭ ‬بالقول‭ ‬“لا‭ ‬أرى‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬حساسية،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬الأمر‭ ‬يحسن‭ ‬من‭ ‬المناخ‭ ‬واختيار‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة”‭.‬

من‭ ‬جهته،‭ ‬قال‭ ‬الوكيل‭ ‬المساعد‭ ‬لشؤون‭ ‬التجارة‭ ‬سابقا‭ ‬حميد‭ ‬آل‭ ‬رحمة‭  ‬إنه‭ ‬جرى‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬وطنية‭ ‬لإعداد‭ ‬ميثاق‭ ‬لحوكمة‭ ‬الشركات‭ ‬وصدر‭ ‬بقانون‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2018‭ ‬ليكون‭ ‬ملزما‭ ‬لجميع‭ ‬الشركات‭ ‬المساهمة،‭ ‬حيث‭ ‬يراعي‭ ‬في‭ ‬التطبيق‭ ‬الشركات‭ ‬العائلية‭ ‬التي‭ ‬تنفذ‭ ‬ما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬أوضاعها‭.‬

وأشار‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬تتطلع‭ ‬لإصدار‭ ‬قانون‭ ‬لحوكمة‭ ‬الشركات‭ ‬سهل‭ ‬التطبيق‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬والشركات‭ ‬العائلية‭.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬حوكمة‭ ‬الشركات‭ ‬كان‭ ‬يهدف‭ ‬لإرشاد‭ ‬الشركات‭ ‬لأفضل‭ ‬طرق‭ ‬قيادة‭ ‬وتنظيم‭ ‬وإدارة‭ ‬ومراقبة‭ ‬الشركات‭ ‬التجارية،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬نظام‭ ‬يحكم‭ ‬عمل‭ ‬الشركات‭ ‬ويضبط‭ ‬ممارساتها‭ ‬والرقابة‭ ‬على‭ ‬أعمالها؛‭ ‬بغية‭ ‬إيجاد‭ ‬مؤسسات‭ ‬كفوءة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬وتتمتع‭ ‬بالشفافية‭ ‬والتنافسية‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬تأثيرات‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬والأطراف‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالشركات‭ ‬المساهمة‭ ‬والمجتمع‭ ‬ككل‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬4‭ ‬أركان‭ ‬رئيسة‭ ‬لميثاق‭ ‬الحكومة،‭ ‬هي‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬معلومات‭ ‬رئيسة‭ ‬للمساهمين‭ ‬في‭ ‬الشركات،‭ ‬وإطلاع‭ ‬أعضاء‭ ‬مجالس‭ ‬إدارة‭ ‬الشركة‭ ‬بمسؤولياتهم‭ ‬أمام‭ ‬المساهمين،‭ ‬والركن‭ ‬الثالث‭ ‬هو‭ ‬العدالة‭ ‬بأن‭ ‬يحظي‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بمعاملة‭ ‬عادلة‭ ‬ومتساوية‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬والتنفيذيين‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الانحياز،‭ ‬وأخيرا‭ ‬المسؤولية،‭ ‬حيث‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬المساهمة‭ ‬أداء‭ ‬واجباتهم‭ ‬بأمانة‭ ‬وإخلاص‭ ‬إزاء‭ ‬المساهمين‭ ‬والمتعاملين‭ ‬والمجتمع‭ ‬ككل‭.‬