العدد 4544
الأربعاء 24 مارس 2021
banner
ما بين “ض” و “ظ”
الأربعاء 24 مارس 2021

قبل ما يقرب العقد تقدمت بطلب للالتحاق بطاقم الضيافة في شركة طيران البحرين آنذاك، وكان من متطلبات الظفر بتلك الوظيفة النجاح وتجاوز الامتحانات التحريرية والشفوية بجانب امتلاكك الكثير من المتطلبات الأساسية كالطول والوزن الملائم، وكان دائماً ما يتم اختيار مرشح واحد فقط من كل مجموعة.

نجحت حينها في تجاوز تلك الامتحانات والوصول للمقابلة الشخصية التي وفقت أيضاً في تجاوزها بتميز وعندما قاربت على الإحساس بأنني ضمنت الوظيفة أخبرني أحد أعضاء اللجنة بتبقي مرحلة أخيرة ستحدد نجاحي، طلب مني مرافقته وفي الطريق أخبرني أنه يتوجب علي الحصول على الموافقة النهائية من قبل العضو المنتدب، وكان حينها الكابتن إبراهيم الحمر هو من يشغل هذا المنصب حيث يحرص على الرغم من انشغاله على مقابلة المرشحين للالتحاق بطاقم الضيافة للتأكد من كفاءتهم.

طلب مني الجلوس بعدما دخلت مكتبه وألقيت التحية، وكانت أمامه إحدى الصحف، ألقى نظرة سريعة عليها ورسم دائرة حول إحدى الفقرات، ناولني الصحيفة وطلب مني قراءتها، على الرغم من أنني استغربت الأمر إلا أنني فعلت ما طلبه وقرأت الفقرة بثقة وصوت واضح قبل أن يستوقفني عند إحدى الكلمات التي كانت تكتب بحرف (ض) وطلب إعادة قراءتها وعندما فعلت بادرني بالسؤال ما الفرق بين (ض) و(ظ)، أجبته بأنه عند قراءة الضاد فإنك تبقي لسانك داخل الفم على عكس الظاء التي تخرج عند لفظها جزءا من اللسان، ابتسم حينها ابتسامة خفية ودعا لي بالتوفيق في وظيفتي الجديدة.

على الرغم من أن الفكرة المتداولة هي أن اللغة الإنجليزية هي اللغة المطلوبة والأهم للالتحاق بطاقم الضيافة، إلا أن الكابتن إبراهيم كان يحرص على أن يتقن الموظف البحريني اللغة العربية إتقاناً سليماً، فلم يكن يقبل بأن يتم التحدث في مكبر الصوت الداخلي للطائرة بلغة عربية ركيكة أو غير واضحة وفي ذلك اعتزاز وتقدير كبير للغة العربية.

يا ترى هل مازال هناك من يقدر اللغة العربية كالكابتن إبراهيم الحمر في مؤسساتنا؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .