العدد 4513
الأحد 21 فبراير 2021
banner
سارماغو... والتبن العالق في ذاكرته!
الأحد 21 فبراير 2021

تحت ظلال شجرة التين العملاقة، اعتاد الطفل سارماغو قضاء ليالي الصيف الحارة برفقة جده ليستمع إلى قصصه الأسطورية وحكاياته عن الأشباح والأسلاف، وكان يضيف عليها التفاصيل في كل مرة يعيد سردها على حفيده الذي سيكبر لاحقاً ليصبح واحدا من أعظم أدباء البرتغال بعد فوزه بجائزة نوبل للأدب عام 1998.

ومن تحت شجرة التين تلك، وذكرياته في زريبة الخنازير والتبن العالق في شعره، يستلهم الروائي والصحافي والمترجم خوسيه سارماغو شخوص رواياته، ويحاول بكل ما أوتي من ذاكرة أن يعيد كتابتها من جديد، خصوصا شخصية جده “الأميّ” الذي حبّبه في القصص وجعل خياله خصبا واسع الأفق، وقد قالت أكاديمية نوبل عن سارماغو إنه “الكاتب ذو الشخصيات التي تنضحُ بالمخيلة والسخرية والمحبة”.

عاش سارماغو حياة بسيطة في مزرعة أجداده ولم يتمكن من إنهاء دراسته بسبب الفقر، وعمل ميكانيكيا وصانع أقفال لفترة من الزمن قبل أن يقع في غرام المكتبات، فشرع في الترجمة والعمل الصحافي واضطر للكتابة ليتمكن من إعالة نفسه، وصدرت روايته الأولى “أرض الخطيئة” عام 1947 أما الإصدار الثاني فتبعه بعد مرور 17 عاما والذي كان ديوان شعر بعنوان “قصائد محتملة”، وعندما حصل على نوبل كان في الـ 76 من عمره عن روايته “العمى” التي تحولت لفيلم سينمائي!

كان سارماغو يقول إنه “لم ولن يغامر بالتجرؤ على تجاوز حدود أرضه المزروعة، وإن كل ما تُرك له كان إمكانية الحفر عميقا باتجاه الجذور”، لقد أدرك سارماغو مبكرا أن التعمق في حدود الذات أفضل من البحث بعيدا عنها، لذلك تمكن من معرفة شغفه والعيش لآخر لحظة من أجله. فهل مازلت تخشى اللحاق بحلمك بسبب تقدمك في العمر!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .