+A
A-

علي الغرير.. انسحب بهدوء وترك لنا أعماله الجميلة الخالدة

يصادف‭ ‬اليوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬12‭ ‬يناير‭ ‬الذكرى‭ ‬الأولى‭ ‬لوفاة‭ ‬نجم‭ ‬الكوميديا‭ ‬الكبير‭ ‬وشعلة‭ ‬الضياء‭ ‬والإبداع‭ ‬الفنان‭ ‬والأخ‭ ‬وصديق‭ ‬العمر‭ ‬علي‭ ‬الغرير‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬الذي‭  ‬ترك‭ ‬لنا‭ ‬عالمه‭ ‬البهيج‭ ‬الكامن‭ ‬خلف‭ ‬أعماله‭ ‬الجميلة‭ ‬الخالدة‭ ‬وانسحب‭ ‬بهدوء‭ ‬على‭ ‬جذوة‭ ‬النار‭ ‬المنطفئة‭ ‬بتاريخ‭ ‬12‭ ‬يناير‭ ‬2020‭.‬

رفيق مشواره الزميل أسامة الماجد

 

علي‭ ‬الغرير‭.. ‬فنان‭ ‬البحرين‭ ‬المحبوب‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬الفنانين‭ ‬الملتزمين‭.. ‬فالغرير‭ ‬في‭ ‬الكوميديا‭ ‬يجيد‭ ‬النكتة‭ ‬اللاذعة‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬حدود‭ ‬الإجادة،‭ ‬أنه‭ ‬شخصية‭ ‬تجمع‭ ‬في‭ ‬مظاهرها‭ ‬ألوانا‭ ‬من‭ ‬التناقضات‭ ‬المضحكة‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬وفي‭ ‬الحركة‭ ‬وفي‭ ‬نبرة‭ ‬الصوت‭ ‬ولهجة‭ ‬الكلام‭. ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬تعمر‭ ‬في‭ ‬الصميم‭ ‬بجوهر‭ ‬واحد‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭. ‬طيبة‭ ‬القلب‭.‬

عندما‭ ‬نتذكر‭ ‬أعماله‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬فإننا‭ ‬نتذكر‭ ‬قصة‭ ‬الإنسان‭ ‬مع‭ ‬الضحك‭ ‬والحزن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬أكبر‭ ‬منهم‭.. ‬والحزن‭ ‬تفرضه‭ ‬عليهم‭ ‬قوانين‭ ‬العالم،‭ ‬ولكنهم‭ ‬يرفضون‭ ‬الضحك‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وعلى‭ ‬قوانينه،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬تستمد‭ ‬فنون‭ ‬الضحك‭ ‬دائما‭ ‬قوتها‭ ‬السحرية‭.‬

 

الرميثي والغرير..علاقة وتركيبة فريدة

الغرير فنان بارع يعرف كيف يستغل كل العناصر مجتمعة لأحداث الاستجابة الفكاهية الملائمة. ولئن يكن الفاصل بين الدراما والكوميديا خيطا رفيعا كحد الشعرة، إلا أنه "أي الغرير" وبنجاح يعرف كيف يسير بالمواقف الهزلية على شفا "الدراما" وأن يجعل طابعها الإنساني أو صبغتها الوجدانية تستثير الشفقة الزائدة. على الغرير فنان ملتزم بالابتكار والأصالة، ويتجنب الرتابة في أعماله، وخلق الجدة، وهو يضحكنا ذلك الضحك الطفولي الذي يشغل هموم النفس ويعيد للإنسان ثقته الذاتية وثقته في الناس وثقته في الحياة. كوميديا علي الغرير خلاص الإنسان من منبع شقائه في المجتمع والحياة، إنها كوميديا تصل إلى قرار الإنسان وإلى أعماق قصته في هذا العالم.

ولد الفنّان علي  الغرير في 19 سبتمبر 1969 بالمنامة، وعندما انتقلت العائلة إلى مدينة عيسى وأوشكت شمس فرجان المنامة أن تغيب، تطلع علي الغرير إلى أولى مغامراته مع المسرح المدرسي، وكأنه يستقبل إحدى عرائس الإلهام، وفي تلك الفترة أي الثمانيات كانت أنشطة النوادي الفنية أجمل ما في هذه الفترة في حياة الفن المسرحي البحريني وأثمن ما فيها، فعمل هذا المسرح على تثقيفه وتوجيهه وتوعيته، وأعطاه رسالة اجتماعية جليلة، وكان نادي مدينة عيسى هو قوة التجربة الفنية التي عاشها علي الغرير والتي عبر عنها بصدق وإيمان، فلنادي مدينة عيسى أثر بعيد المدى في مسيرة معظم نجوم البحرين.

الراحل في تسجيل فيديو خاص لجريدة البلاد

لقد وضع الفنان علي الغرير رحمه الله نصب عينه أن يخلق للفن المسرحي اعتبارا وتقديرا كاملين، فظهر بالمظهر المشرف في كل مسرحياته، واحترم نفسه وفنه، واعتبر المسرح أرقى مهنة في الوجود الإنساني، وأن يسجد لله كلما نجح، فرضاء الجمهور من رضا الله. بعد ذلك وفي هارمونية جميلة فوق درب الحياة الفنية الطويل، انتقل الغرير إلى الدراما التلفزيونية دون تعب ولا معاناة ولا جهد؛ لأنه اكتسب العبقرية من المسرح نتيجة جهد وتعب، والمسرح هو " أبو الفنون"، فقدم مع رفقاء دربه المسلسلات التراثية الخالدة للمخرج القدير أحمد يعقوب المقلة، إضافة إلى عدد كبير من الأعمال داخليا وخارجيا مع كبار المخرجين الشباب منهم والشيوخ، ودخل السينما بملكات فنية عالية وبرهن على العطاء والقدرة العجيبة.

الرميثي والماجد يزوران قبره

"البلاد" تواصلت مع رفقاء دربه في ذكرى وفاته الأولى، فيقول الفنان أمين الصايغ: كان بطلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ووصل إلى القمة في أسرع وقت وصنع لنفسه مكانا بين نجوم الخليج من خلال مسلسلات ومسرحيات وأفلام حققت نجاحا كبيرا. لأخي علي الغرير موهبة وقدرة على الأداء لا تتوفر عند الآخرين، وقد جمعتني معه أعمال كثيرة واستفدت من خبرته ونضجه الفني القوي وإمكاناته.

أما الفنان خليل الرميثي، فقال: رحم الله أخي الغالي وأستاذي على الغرير وأسكنه فسيح جناته..كانت علاقتي مع علي الغرير اكثر من علاقة فنان بآخر، كانت علاقة وتركيبة فريدة لا أعرف كيف أعبر عنها. ما يتميز به أخي الغرير براعته في أداء الشخصيات وحيويته وخفة ظله وقربه من قلب المشاهد وعقله، وكذلك مساعدته لنا في أي شيء نحتاجه في موقع التصوير. كان إنسانا عظيما قبل أن يكون فنانا مبدعا، واسمه سيظل محفورا في وجداننا وقلوبنا، وشعلته المتوهجة ستنير دروبنا ودروب الأجيال القادمة. رحمك الله يا " أخوي علي" ونحن على عهدك باقون إلى الأبد.    

يوم الوداع