العدد 4473
الثلاثاء 12 يناير 2021
banner
عندما تُكمم الديمقراطية فمها
الثلاثاء 12 يناير 2021

لم يُضرب لنا مثل منذ نعومة أظافرنا كمثل الولايات المتحدة الأميركية عند الحديث عن دولة تعتبر عرابة الديمقراطية بمفاهيمها الحديثة التي تتجلى في حرية الفرد بالتعبير عن رأيه ووجهة نظره، سواء في الأمور الاقتصادية أو الاجتماعية وحتى السياسية، فدائماً ما كنا ندرس ونلقن بأن أكثر دولة تطبق مبادئ الديمقراطية بجميع أسسها ومفاهيمها هي الولايات المتحدة الأميركية التي تمثل فيها حرية الرأي والتعبير أبسط القواعد حيث يمكن للمواطن العادي من سائر الشعب الحديث والتعبير عن ما يجول في داخله بخصوص أي أمر.

ما يحصل اليوم في الولايات المتحدة الأميركية قبيل أيام من تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن أمر كسر جل تلك الصور النمطية التي رسمت في أذهان العالم بأسره، فوضى ومظاهرات همجية، اقتحام للبرلمان الأميركي، مطالبات بعزل الرئيس بعد إيقاف حساباته على منصات التواصل الاجتماعي، باختصار صور ومظاهر وأحداث لا تمت للديمقراطية بأية صلة لا من بعيد ولا من قريب، والسؤال الذي يطرحه الجميع في هذه اللحظة هل هذه هي الديمقراطية التي كانوا يتبجحون بها، ديمقراطية العنف وعدم احترام القانون والفوضى العارمة من قبل الشعب أم ديمقراطية استخدام السياسيين ما يمتلكون من أسلحة مشرعة كانت أو لا ضد بعضهم البعض، أم ديمقراطية حرية الرأي والتعبير التي انتزعت من الرئيس الأميركي بجلالة قدره.

بعض الأمور من المحرم أن تمر مرور الكرام، دون أن نتعظ ونعتبر ونأخذ منها أفضل الدروس،  فما حدث اليوم في الولايات المتحدة الأميركية يثبت مدى تقدم شعوبنا وصلابة تشريعاتنا بالإضافة لحكمة قادتنا، فديمقراطيتنا والتي دائماً ما كانت موضع انتقاد لاذع من قبل الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب بالإضافة للعديد من المنظمات التي تدعي دفاعها عن مبادئ الديمقراطية بدت اليوم أكثر قوة وصلابة من ديمقراطية الولايات المتحدة التي تداعت اليوم أمام مرأى ومسمع الجميع.

دائماً ما تتجلى الأمور في أول اختبار، فهشاشة وضحالة الديمقراطية الأميركية بانت حقيقتها للعالم بأسره، تلك الديمقراطية التي فصلتها وارتدتها واشنطن كيفما أرادت.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية