العدد 4473
الثلاثاء 12 يناير 2021
banner
خامنئي... واللقاحات “المُحرّمة”
الثلاثاء 12 يناير 2021

منذ البدايات المبكرة أصبح “فيروس كورونا” آفة كونية لم يعد من المفيد تحميل مسؤولية بداياتها لا للصين الشعبية ولا لغيرها، وعليه فإنّ التصدّي إلى هذه الجائحة، التي باتت تفتك بالولايات المتحدة وأيضاً بريطانيا “العظمى” والدول التي تعتبر متقدمة وكبرى، بات عالمياً، ما يعني أنّ اللقاحات الأميركية والبريطانية وأيضاً الروسية والصينية هي لقاحات شاملة وعلى أساس أنّ العالم في هذا المجال أصبح بحجم برتقالة وأصغر وأنه لا يحقُّ لأيّة دولة تسييس هذه المسألة ورفض أيّ علاج أميركي أو بريطاني على أساس أنه علاج “إمبريالي” لا يجوز الاستنجاد به أو استخدامه حتى في مواجهة هذا البلاء الذي بات يهدد العالم كله ويرعب كل سكان الكرة الأرضية.

وحقيقة إنّ ما استرعى إثارة هذه المسألة هو أنّ المرشد “الأعلى” علي خامنئي الذي ما كان عليه أن ينزل إلى هذا المستوى الذي لا يليق به وأنْ “يمنع ويحظر” اللقاحات الأميركية والبريطانية المضادة لفيروس كورونا الذي بات يفتك حتى بالدول المتقدمة في الكرة الأرضية كلها مثل الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وفرنسا وباقي الدول الأوروبية.

والغريب أنّ هذا القائد الذي كان يتميّز على رموز الثورة الإيرانية، ثورة عام 1979، بوسطيته واعتداله وانفتاحه حتى على الأحزاب اليسارية والعلمانية قد “تغيّر” دفعة واحدة وتجاوز حتى روح الله الخميني بتشدده وعدائه لكل الذين لا يسيرون على نهجه ومن بينهم كل القوى والتنظيمات التي كان “المرشد” السابق قد اختطف منها هذه الثورة والانقلاب على الشاهنشاه محمد رضا بهلوي الذي بات الإيرانيون وحتى بعض قواهم السياسية، السابقة واللاحقة، يتحسّرون على عهده ويتمنون لو أنه أفشل هذه “الخمينيّة” التي أوصلت هذا البلد العظيم إلى ما هو عليه من انحطاطٍ سياسي واستبداد همجي وعلى غرار ما كانت عليه الدول المتخلفة في العصور الوسطى وقبل ذلك.

وهنا فإنه لابدّ من التساؤل: لماذا يا ترى وصل هذا الرجل، هذا القائد الذي كان يعتبر في طليعة رجال الدين المعمّمين المعتدلين والوسطيّين والبعض يقول و”اليساريين” إلى ما وصل إليه وإلى حدِّ أنه أصدر “فتوى” في هيئة أوامر عسكرية بمنع اللقاحات المضادة لـ “فيروس كورونا” من الولايات المتحدة وبريطانيا؟!

والغريب أنّ المرشد الأعلى علي خامنئي لم يكتفِ بهذا الذي أفتى به بل إنه قال حسب ما بثّه التلفزيون الإيراني على الهواء مباشرة “لقد أبلغت المسؤولين بذلك وأقوله علناً الآن”، ما يعني أنّ هناك مخالفين لقراره هذا، وأنّ من فتكت بهم هذه الآفه اللعينة لم يلتزموا بما قال، وأغلب الظن أنّ بعضهم على قناعة بأنّ مرشدهم قد حرّم عليهم ما حلّله لنفسه وأنه إذا هاجمته هذه “الجائحة” وفتكت به فإنه سيناشد الأميركيين والبريطانيين بأن يسعفوه بما حرّمه على شعبه. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .