جميلة محمد سعدون درست بكالوريوس الفنون الجميلة في جامعة اليرموك في المملكة الهاشمية الأردنية، ثم حصلت على درجة الماجستير في التربية في جامعة موري الحكومية في الولايات المتحدة، ودكتوراه الفلسفة في التربية الفنية تخصص خزف في جامعة حلوان في جمهورية مصر العربية، وعملت في بداية حياتها المهنية كمدرسة للتربية الفنية في وزارة التربية والتعليم، ثم عملت في جامعة البحرين بعد حصولها على الماجستير، وتحب العمل في التدريس وتحب غرس روح المبادرة وحس المسئولية بين طلبتها.

كانت بدايتها في مجال الفن، منذ الصغر بتصميم وصنع ملابس العابها ، تقول: ”حتى الحوائط في منزلنا كانت لا تسلم مني ومن رسم أشكال عليها. كنت كذلك أرسم على ملابسي كنوع من التمييز. برزت موهبتي في الرسمفي المدرسة، حتى أن معلماتي كن يطلبن مني عمل لوحات حائطية ورسم الكائنات الدقيقة والنباتات وأجهزة وأعضاء الجسم البشري على وسائل إيضاحية في مادة العلوم. كنت دائما ما ألقى التشجيع والدعم  سواء في البيت أو المدرسة“.

*ما مصدر إلهامك في الفن ؟

مصدر الألهام بالنسبة لي الحياة بجميع مكوناتها وتفاصيلها. مثلا الغيمة ملهمة بتجمعاتها وتكويناتها التي تخلق قصصًا وروايات. علاقة البشر مع بعضهم؛ وجوههم في المقاهي.. حواراتهم التي تداعب سمعي. ألوان أوراقالشجر، ألوان ريش العاصافير وأشكالها كلها مصادر إلهامية. أيضا التفاعلات الكيميائية والفيزيائية وأثرها على المواد المختلفة؛ كصدأ الحديد مثلا بأشكاله ودرجاته اللونية، كالنار وما تحدثه في الخشب وفي المواد الأخرى.هناك الكثير مما يمتع العين ويسقي شغف البحث ويمد العقل بمخزون بصري هائل يساهم في عملية الخلق والإبداع.

*حدثينا عن الصعوبات التي واجهتك؟

لم أواجه أية صعوبات، بعبارة أخرى كل ما أواجهه في حياتي هو خير حسب إيماني وقناعاتي وأتعامل معه على هذا الأساس. إن كان السؤال عن كيف تعاملت مع العقبات التي وجدتها في بداية مشواري؟ فجوابي هو بالتوكلعلى الله وبمواجهة أي عائق بقوة وصبر وعزيمة صادقة. هناك الكثير من القصص والأمثلة لكن المجال لا يتسع لسردها.

*ما هي اكثر الصعوبات التي تواجهك في هذا المجال ؟

أن تقنع الآخرين بالتميز وعدم إجترار المعرفة. أواجه تحديًا عند إخراج فكر طلابي الجدد من حدود الصندوق الذي وضعوا أنفسهم فيه إلى أن تصبح لديهم الجرأة والثقة الكافيتين للتمرد على القواعد بعد أن يكونوا قد أتقنوها.في مجال الفنون عمومًا هناك منافسة شديدة جدًا وحساسية مفرطة بين الفنانين، وهذا الأمر يعتبر أمرًا طبيعيًا نظرًا لأن الفنان يصبح تلقائيًا كتلة من المشاعر الجياشة وتكون جميع حواسه متيقظة طوال حياته.

هل فعلا  الشباب مبتعد عن الفن في هذا الوقت ؟

الفن لا يتجزأ ولا ينسلخ عن المجتمع. من وجهة نظري أجد أن الفن يحيطنا من كل جانب؛ في طريقة ارتدائنا لملابسنا، في اختيارنا لمنازلنا وأثاثتنا وألوان حياتنا التي ننثرها فيها. الفنان كان دومًا في كل زاوية وفي كل محفليقدم لوحاته المعبرة عن وجهات نظره السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل مناسبة. الشباب هم الفئة الأكثر إقبالا على الفن ولا أجد أنهم مبتعدين أبدًا.

ما هي اهم الخطوات الكفيلة في تعميم ثقافة الفن وجعلها سارية المفعول في حياة الشباب؟

لا توجد خطوات بقدر ما هي قرارات. منها تفعيل دور دروس التربية الفنية في مدارسنا بشكل أعمق وباتباع الاستراتيجيات العالمية في ذلك. وجدت فرقًا شاسعًا بين مناهج وأساليب تعليم الفنون في الدول العربية وفي أمريكاودول أوربا. أتمنى أن يحدث اهتمام أكثر بالفن وبالثقافة الفنية في المدارس والجامعات.

هل الموهبة  الفطرية هي العنصر الأساسي للإبداع ؟

الأساس هو الموهبة الفطرية، ويأتي بعد ذلك الصقل والتطوير بالممارسة أو الدراسة يزخر تاريخ الفن بالعديد من الاتجاهات والحركات الفنية والفلسفية والتي جاءت كثورات فكرية على التقاليد الفنية وعلى الضوابط التي تواجدتفي المراحل التي سبقتها؛ كالحركة الرومانتية التي جاءت كردة فعل على الكلاسيكية الجديدة وعلى الضوابط المملة التي كانت تقيّد الفنانين، وكذلك الإنطباعية التي شعر روادها بضرورة التحرر من قيود المراسم والعمل داخل المباني إلى الخروج للطبيعة والتعلم منها، والتعبيرية التي دعت لإطلاق العنان للمشاعر حتى لو كان ذلك على حساب الشكل وجماله، وغيرها العديد من الاتجاهات.

ما هي الاتجاهات التي تأثرت بها وما هي فلسفتك الفنية؟

تأثرت في بداية دراستي الأكاديمية بالحركة الاتطباعية واهتمامها باللون والضوء ومازلت أبحث عن اللون وأثر الإضاءة والظلال عليه وعلى الشكل. أجد كذلك أن جميع الاتجاهات الفنية صنعت فلسفتي الفنية لأنني تناولتهاجميعا بالدراسة التفصيلية؛ حيث قمنا كطلبة بدارسة أساليب الفنانين من خلال نسخ لوحاتهم لفهم تقنياتهم. فلسفتي الفنية أو بعبارة أخرى تعريفي للفن هو: كل إنتاج يقوم به الفنان بذاتية عالية وأنانية بالغة توصلان الفنان إلىيقين بأن ما أنجزه لا يستطيع غيره الاتيان به. الفن هو ذات تنصهر فيها فكرة مختلفة، وينفذ بأدوات خاصة وتتلقاه الحواس والمشاعر.​