العدد 4416
الإثنين 16 نوفمبر 2020
banner
مشعل العبسي
مشعل العبسي
وفاءً لفقيد الوطن الكبير
الإثنين 16 نوفمبر 2020

لن يُخط قلما يوفي قيمة فقيد الوطن الكبير المغفور له بإذن الله صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رجل الدولة والميداني الأول منذ أن رأت أعيننا وأعين آبائنا النور، المدرسة التربوية والنهج القويم، رجل الدولة العميقة ومؤسس البحرين الحديثة، رجل المنجزات والمعطيات وصانع النهضة، رجل الأحداث والمواقف الجليلة والمدرسة الشاملة، رجل العطاء والأذن الصاغية والأمر المباشر.

فقيد الوطن الكبير، والذي يعتبر وطنًا بحد ذاته، شارك أبناء البحرين أحزانهم قبل أفراحهم ووصل الجميع بيت بيت ، وبمجلس ديوان سموّه والذي تشرفنا بحضوره والإستماع لكلمات سموّه، المجلس الذي كان فيه روح الوطن وكل كلمة تخرج من سموّه رحمه الله كانت بمثابة درس عميق، ونبراسا نستنير به واستفادة عظيمة، ولا يمكن أن ننسى سموّه في المجلس الرمضاني لابنه البار نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة، الذي كان المعين واليد اليمنى لسموّه رحمه الله فجزاه الله خير الجزاء، فرحمه الله كان يعتاد النظر للجميع قبل الجلوس، والسؤال عن حال من طال به الغيبة بالأسم ! ويسأل الابن عن أبيه والأب عن أبنائه، والغريب عن قدومه، والقريب عن أحواله، والمسافر عن أخباره، والمريض عن صحته، والطالب عن دراسته، والمحتاج عن حاجته، يذكر الأسماء بأسمائها رحمه الله وكأنه أب لهم وهو كذلك، خليفة بن سلمان من قال مرتجلاً للشعب امام بيت سموّه “أنا منكم ومعكم ولن اتخلى عنكم، والله يقدرنا على خدمتكم وأنتم سناد هذا الوطن وأشكركم”.

كيف لا وهو من تنشأ في كنف والده صاحب العظمة الأمير سلمان بن حمد آل خليفه رحمه الله، فقد كان مساعدا في ديوان والده منذ ريعان شبابه في بداية الخمسينات من القرن الماضي، ومن بعده شق طريقه نحو آفاق الدولة ومراكزها وهو لم يتم العشرين من عمره، فبدأ مسؤوليته عضوا في لجنة بحث مشكلة الإيجارات عام ١٩٥٤، ومن ثم رئيسا لمجلس المعارف عام ١٩٥٧ وعضوا في لجنة الكهرباء في العام ذاته، مرورا بعضوية اللجنة المكلفة ببحث شؤون موظفي الحكومة في عام ١٩٥٨، وعُيّن رحمه الله في عام ١٩٦٠ رئيساً لمالية الحكومة، ورئيسا لمجلس الري في عام ١٩٦١ ورئيساً لبلدية المنامة في عام ١٩٦٢، ومن ثم انتقل ليكون رئيسا لمجلس النقد في العام ١٩٦٤ ، وفي  عام ١٩٦٥ كُلّف برئاسة مجلس استئناف قضايا الهجرة والإقامة للأجانب، ورئيسا للمجلس الإداري في عام ١٩٦٦ ، ورئيساً لمجلس الدولة عام ١٩٧٠، ومن ثم رئيساً لمجلس الوزراء منذ العام ١٩٧١ وحتى يوم وفاته في صباح يوم الأربعاء الموافق ١١/١١/٢٠٢٠ .

هذا التدرج لفقيد الوطن الكبير يُبيّن لنا حجم المسؤوليات التي تقلدها سموّه وحجم العطاء والبناء الذي بذله طيلة سنوات حياته من أجل نماء الوطن وإزدهاره ، ومن خلال مسيرته رحمه الله تم تكريمه بما يزيد عن ٤٠ لقباً ووساماً محلياً وإقليمياً ودولياً  ، أولها وسام الرافدين من الدرجة الأولى سنة ١٩٥٢ وهو لم يتم عامه الـ ١٨ وآخرها درع التسامح من الإتحاد الدولي للسلام والمحبة في عام ٢٠١٧ ، مسيرة عطاء مُهيبة ، وتاريخ لقامة عظيمة ، برحيله نعزي كل بيت وكل قرية وكل مدينة .. نعزي الوطن بفقيد الوطن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية