العدد 4408
الأحد 08 نوفمبر 2020
banner
هذه هي الحياة
الأحد 08 نوفمبر 2020

يقول نجيب محفوظ إن الحياة معركة الروح ضد المادة، وفي تصريحه عمق كبير، قد أتفق معه وأختلف وأتذبذب بين صعود وهبوط، فالحياة من وجهة نظري هي الروح والمادة معا، فقد وُهِبنا الروح من الخالق وأصبحنا خلفاءه في الأرض لنبدأ قصة حب وشقاء وصراع واستمرار دون انقطاع مع المادة، ولتبسيط ما أرنو إليه، يقصد بالمادة كل ما يمكن قياسه، أما الروح فغالبا لا نستطيع قياسها ولو أنني أختلف مع علماء الفيزياء في طرحهم وأجدني يوميا أمام أرواح أستطيع إن صح التعبير قياسها، فالعلاقة بين الروح والمادة علاقة تحدها المتغيرات من كل جانب، وفي كل مرة يصعب القياس ويسهل وتظهر خوارزميات يصعب تحليلها ويسهل، وهكذا هي الحياة، بين كل شدة ولين وفرح وحزن وطموح ويأس وصراع وود متغيرة، إلا أنني أميل لأن أكون في حياتي أكثر تقبلا لكل الأحداث والأوقات بمتغيراتها فأنا على يقين بأن هذا الوقت سيمضي أيا يكن، لذا أنا أحلم لكنني لست متشبثة بما يدور في رأسي من أحلام وأفكار وآراء، أنا أجتهد وأطمح لكنني لن أموت قهرا إن لم يكتب الله لي ما طمحت إليه.

الحياة أسهل بكثير من أن نسميها صراعا، الحياة مدرسة كبيرة نعيش أيامها بمواعظ ودروس لتبلور أفكارنا وقناعاتنا، فقط أنا مؤمنة بضرورة الرحلة وأهمية الاختيارات وما نتعلمه من دروس، والأهم في هذا كله درجة وعينا بما نمر به من مواقف وأحداث، بل درجة وعينا نحو أنفسنا وتطورها وما آلت إليه وراء كل موقف نتعرض له أو نعيشه.

قال لي أحدهم ذات مرة إنك قادرة على نسج قدري بالنحو الذي أصبو إليه، سعدت كثيرا لأنه قرأني بطريقة صحيحة وأصبحت أكثر امتنانا لكل الأرواح التي تمر بطريقي وتلقنني دروسا تصقلني أكثر وتهذبني أكثر وتدربني أكثر لأستمتع برحلتي في هذه الحياة التي بالتأكيد ستنتهي في يوم ما، لكنني قررت أن أستمتع بالرحلة وإن مرت أوقات تكدرت بها أو قلقت أو حزنت، فهذه هي الحياة، لا نهار دائم ولا عتمة مستمرة، وبين يوم وليلة أحداث ودروس ومواعظ والأهم من ذلك كله قيم نستطيع أن نبنيها، فالأخلاق المدرسة الأولى التي نستطيع أن نراهن عليها في كل مرة نقف فيها حائرين أمام الأحداث أو الأشخاص أو كليهما معا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .