تعتبر حرية الرأي والتعبير من أهم المحددات التي يمكن من خلالها قياس مدى وعي وقدرة الشعوب على تطبيق مفهومها للديمقراطية الصحيحة، فعلى الرغم من تبني العديد من الدول مفهوم الديمقراطية التي تسمح وتجيز لشعوبها التعبير والانتقاد البناء كأحد أهم الأركان الأساسية في ممارسة وتطبيق الديمقراطية، مازلنا نرى بعض الفئات التي تجنح لتوظيفها واستغلالها في غير مواضعها الصحيحة.
فعلى الرغم من أن العديد من الدول حرصت على التأكيد على حرية الرأي والتعبير دستورياً إلا أن الواقع المؤلم يدل على أن الكثير مازال يشيطن التعامل مع هذا المبدأ النبيل عندما يعمد لتطويعه في خدمة أهدافه المندرجة في خدمة الأجندات الخارجية.
حيث تحرص تلك الفئة على انتقاد أغلب القرارات التي يتخذها صانع القرار فيما يندرج تحت مفهوم الانتقاد الهادم الساعي لتأليب الرأي العام وتحريضه بعد أن يتم تضليله من خلال بيانات وتصريحات وتغريدات كاذبة لا تعكس الواقع كما هو بل هي تسرده بالطريقة التي ترى أنها تستطيع استثارة سخط وغضب الناس البسطاء الذين لم يلموا في أغلب الأحيان بحيثيات وعمق تلك الموضوعات والقضايا.
تكمن المشكلة في أن ما تقوم به تلك الفئة يندرج تحت تهديد الأمن الوطني من خلال محاولة شق الصف الواحد وإثارة الفتن، إلا أن الديمقراطية المغلوطة تفسرها على أنها حرية رأي وتعبير مصونة ومحرمة لا يمكن التعرض لها تحت أي سبب من الأسباب، بعض الدول اختارت أن تلجم تلك الأبواق حتى إن كلفها ذلك انتقاد منظمات حقوق الإنسان التي عادة ما تهرول لتبني ونصرة تلك القضايا رافعة راية حرية الرأي والتعبير دون النظر للأجندات المخفية والأهداف المتوارية حيث ترى تلك الدول أن الحفاظ على الأمن واللحمة الوطنية أولوية حتى إن كلفها ذلك التخلي عن الديمقراطية، فيما اختارت دول أخرى الحفاظ على مبداً حرية الرأي والتعبير في تطبيق شامل غير منقوص ولا جارح للديمقراطية مراهنة ومعولة على وعي وإدراك شعوبها في اكتشاف هذه المؤامرات والتصدي لها.