العدد 4231
الجمعة 15 مايو 2020
banner
أدباء اختاروا عزلتهم... فرانز كافكا مثالا
الجمعة 15 مايو 2020

يقول الكاتب التشيكي اليهودي فرانز كافكا رائد الكتابة الكابوسية - الذي غطى العالم بظلامه المعجون بالقهر والحزن والعجز والعبثية والوحدة - “أرغب في عزلة تخلو من التفكير، أكون فيها وجها لوجه مع نفسي”، ولعله بهذه الطريقة اختار حياته ورسمها وفق هذا النهج، معزولا وحيدا ومخلصا لكتاباته التي صب فيها قيأ مشاعره الظلامية حول العالم القاسي وغياب العدالة الاجتماعية وغيرها من مآس، فتحولت حياته إلى ساحة حرب شرسة مع العالم الخارجي وفضل الانكفاء على نفسه حماية لجحره الداخلي. وقد نتجت عن هذه العزلة المختارة إصدارات تعد اليوم من روائع الأدب، ولم يضاهه فيها أحد، بالرغم من تعرض الكثير منها للحرق والمنع والمصادرة، إلا أنها أصبحت فيما بعد موضع ترحيب وتقدير بعد وفاته.

وكما قال الفيلسوف الفرنسي إيميل سيوان “لا يستطيع أحد أن يحرس عزلته إذا لم يعرف كيف يكون بغيضاً”، عرف كافكا كيف يصد الآخرين بطريقته، ولا ملام عليه، فقد عانى طوال حياته من سطوة أب قاس، ثم عاش البؤس الوظيفي الذي كان يستهلك روحه وقوته خصوصا مع جسده الواهن وقدرته المحدودة على الحركة بسبب إصابته بالسل ومعاناته المستمرة من التوتر والضغط والصداع النصفي، والدمامل، والاكتئاب، والأرق، ووجد في الكتابة المواساة الوحيدة لحياته البائسة، التي انعكست على أعماله الأدبية التي جسدت المرارة واللا جدوى والعدمية والظلم والصراعات النفسية المعقدة، مصورا نفسه في روايته “المسخ” بأنه مجرد حشرة كبيرة!

كافكا أوجد طريقته الخاصة في التعايش مع عالمه عن طريق العزلة، ولربما هذه العزلة كانت أفضل قرار له، فاليوم ينظر إليه على أنه أحد أعظم كتاب القرن العشرين.

أما أنت... فاختر من تريد أن تكون في عزلتك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .