العدد 4141
السبت 15 فبراير 2020
banner
إيران وصفقة القرن
السبت 15 فبراير 2020

كما هو معروف، تستثمر إيران في قضايا العرب من باب الشعارات والمزايدات، ولعل أهم شعار تاجرت به إيران في المنطقة العربية هو شعار القضية الفلسطينية، فإيران (وفي العقدين الأخيرين دخلت تركيا كذلك على الخط) التي ظلت تتاجر بشعارات القضية الفلسطينية، تعرف تماماً أنها تفعل ذلك ليس لإثبات قدرتها على مواجهة إسرائيل، ولكن من أجل المزايدة وكسب الأتباع في المنطقة العربية عبر رفع الشعارات الطنانة.

وحتى إلى عهد قريب، ولاسيما منذ إبرام الاتفاق النووي معها في العام 2015 من قبل الولايات المتحدة ومجموعة 5 + 1 تغافل ذلك الاتفاق عن الدور التخريبي لإيران في المنطقة العربية، ولم يشمله ضمن إطار الاتفاقية، الأمر الذي منح إيران إدماجا مجانياً في منظومة الشرعية الدولية وفك عزلتها، وجنت من خلاله فوائد كثيرة حيث عادت لها الكثير من أموالها المجمدة.

اليوم مع حزمة العقوبات القاسية جداً إثر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، وبعد مقتل أقوى رجل لإيران في الشرق الأوسط ومهندس الخراب العام في المنطقة العربية قاسم سليماني، تأتي صفقة القرن في ظل اختبار قوي لإيران، ولرصد ما إذا كان للدور الإيراني قدرة على المزايدات غير الخطابية، مثل ما كانت تقوم به إيران عبر وكلائها في المنطقة العربية، لاسيما في لبنان وفلسطين.

بات الجميع مدركاً أن إيران أكثر حذراً وخوفاً اليوم من الولايات المتحدة بعد أن لمست جدية ترامب عقب مقتل سليماني، وبعد ردها الكاريكاتوري على مقتل سليماني، لهذا فإن إعلان ترامب صفقة القرن يوم 28 يناير الماضي أتى في جملة ما أتي إليه، اختباراَ لردود الفعل التي يمكن على ضوئها السير في مسار الصفقة، وذلك بوضع إيران، في ظل المعطيات الجديدة، أمام محك اختبار جديد وحرج لمعرفة ما إذا كانت قد استوعبت الدرس أم لا.

في تقديرنا إيران استوعبت الدرس تماماً، ولن نرى ردود فعل من شاكلة تلك التي نراها دائماً في أفعال وكلاء إيران كلما كانت الأخيرة تمارس عليها ضغوطا سواءً كانت داخلية أم خارجية. ولن تمر بعد اليوم ردود فعل عبثية تجني ثمارها إيران وتجلب الضرر على البلدان العربية، كما فعل حزب الله في حربه ضد إسرائيل عام 2006، ما تسبب في إلحاق الضرر البالغ بالبنية التحتية للبنان وأدى إلى خضوع لبنان لإشراف قرار أممي.

بطبيعة الحال ربما تعمل إيران على أعمال دعائية للفت الأنظار لكنها غالباً ما ستكون على شكل مؤتمرات أو مهرجانات خطابية، أو إلقاء كلمة للولي الفقيه خامنئي والسلام. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية