العدد 4139
الخميس 13 فبراير 2020
banner
ركاكة الشراكة الروسية التركية الإيرانية في سوريا بأبعادها الإقليمية (2)
الخميس 13 فبراير 2020

أولى العواصم التي تدقّق اليوم في خياراتها هي طهران التي استمرت في الرهان على احتمال عزل ترامب ورسمت سياساتها على تمنياتها بعودة الحزب الديمقراطي إلى البيت الأبيض. الآن، الأرجح ألا ينتصر منطق التيار المتشدّد المتمثّل في “الحرس الثوري” و”فيلق القدس” في هذه المرحلة الانتقالية بالرغم من أنه يتمتع بدعم مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، فالجمهورية الإسلامية تحتاج إلى إعادة النظر في وضعها الداخلي والإقليمي والدولي ولذلك تختار التهدئة المرحلية لدراسة الخيارات المتاحة وتدعو شركاءها مثل “حزب الله” في لبنان إلى ضبط وتيرة التصعيد بما في ذلك التصعيد اللفظي على نسق تعهد الأمين العام حسن نصرالله بإعادة الأميركيين “أفقياً” إلى بلادهم عبر النُعوش.

طهران مضطرة إلى احتواء الضرر قدر الإمكان في الساحة اللبنانية حفاظاً على سلطتها هناك لأن الساحة العراقية تخرج عن سلطتها عبر الانفلات الأمني وعبر الانقلاب على المشاريع الإيرانية للعراق، ولجأت إلى القمع كوسيلة لاحتواء الثورة عليها في العراق وستفعل ذلك في لبنان إذا اضطرت، لكنها تفضّل وتعمل على احتواء الثورة اللبنانية بوسائل أخرى تجنّباً للوقوع في فخ القمع الذي سيكلّفها غالياً سيما أن النظام في طهران مضّطر لقمع الانتفاضة الداخلية عليه لأنها تهدّد مصير بقائه.

المصادر المقرّبة من التفكير في طهران أفادت أن القيادة الإيرانية تعتبر أن الوضع الراهن لصالحها ما بعد تشكيل الحكومة الجديدة على هوى “حزب الله”، وهي تريد تدعيم سلطة “حزب الله” على لبنان، لذلك، وبالرغم من الضيقة المالية التي تواجهها، تعتزم طهران توفير جرعة دعم مالية إلى “حزب الله” كي لا يبدو هشّاً وكي يثبّت قاعدته الشعبية، وقالت هذه المصادر إن إعادة توزيع ميزانية المشاريع الإقليمية الإيرانية اضطرت بطهران إلى الاقتطاع من ميزانية اليمن لتحويلها إلى ميزانية لبنان والعراق، ثم سوريا.

القيادة الإيرانية منشغلة بقراءة ماذا سيفعل دونالد ترامب ما بعد انتصاره على مشاريع عزله وما هي خطواته التالية نحوها سيما أنها مستمرة في برنامجها النووي، هذه القيادة كفّت عن الحلم بإنقاذٍ أوروبي لها من ورطة العقوبات بالرغم من إصرارها العلني على إعطاء أوروبا الفرصة الأخيرة قبل أن تأخذ الخطوة الكبرى بإعلان انسحابها من الاتفاقية النووية وربما أيضاً من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

وهي تعي تماماً أن توعّدات دونالد ترامب وإنذاراته لها بألاّ تُقدِم على مثل تلك الخطوة ليست مجرد تهديدات لفظيّة، إنما يتم اتخاذ الاستعدادات لتنفيذها بإجراءات عقابية بأبعد من العقوبات الاقتصادية والحصار، إذا لم تتوقف طهران عن برنامجها النووي، فالجمهورية الإسلامية الإيرانية فعلاً مطوّقة أكثر وأعمق بوضوح أرجحية فوز دونالد ترامب بولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدة. أمامها إما الانتحار إذا انتصر التصعيد والانتقام حفاظاً على استمرارية منطق النظام، كما هو. أو إصلاح وتعديل ذلك المنطق والدخول في مفاوضات على اتفاقية جديدة مع الولايات المتحدة تشمل الشق النووي والصاروخي وكذلك شق التوسّع الإقليمي في الجغرافيا العربية. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .