العدد 4134
السبت 08 فبراير 2020
banner
السلوك الإيراني في سوريا بعد سليماني (1)
السبت 08 فبراير 2020

بعد أن استمر التغلغل الإيراني ضمن النسيج السوري لعدة سنوات، بدأت تزداد حالة الغضب الشعبي التي تتفاقم يوماً تلو الآخر ضد الميليشيات الموالية لإيران والوجود الإيراني في سوريا منذ أن تم الإعلان عن مقتل قاسم سليماني من قبل الولايات المتحدة الأميركية في الثالث من يناير هذا العام، ليصل مستوى الغضب والاستياء إلى أوساط المنتسبين من أبناء البادية السورية الذين انخرطوا ضمن الفرق التي شكلتها إيران، خصوصا في الميادين والبوكمال، بعد أن تسربت معلومات وأكدها المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن روسيا أبلغت النظام نية الولايات المتحدة الأميركية قطع الطريق الواصل بين بغداد وبيروت في البادية السورية، أي عند الشريط الحدودي مع العراق، والهجمات الجوية التي تتعرض لها الميليشيات الإيرانية في دير الزور والميادين والبوكمال بشكل متصاعد تؤكد هذه النية الأميركية، فهذه المنطقة تكتسب أهمية حيوية خصوصا في إطار الاستراتيجية الإيرانية، لأن هذه المنطقة الممر الذي يعتبر شريان وعصب الحياة للمشروع الإيراني الذي يصل بغداد بدمشق وبيروت ضمن مطامع إيران التوسعية في المنطقة.

وبناءً على ذلك تتراكم معاناة السوريين في سوريا والمنطقة الحدودية على ضفاف الفرات، نتيجة سياسة الأمر الواقع التي فرضت عليهم من قبل إيران وميليشياتها من تجنيد أبناء المنطقة بموجب إعفائهم من الانخراط ضمن صفوف قوات النظام السوري، وإرجاع البيوت في بعض المناطق لأصحابها الأصليين وتقديم المغريات ومبالغ مالية شريطة الانضمام إلى الميلشيات التي تعزز السطوة الإيرانية وتقبلهم الأدبيات السياسية الإيرانية (تصدير الثورة)، وأمام هذه السلوكيات تتصاعد حالة الاعتراض على ذلك، حيث تتوالى المظاهرات الرافضة للوجود الإيراني، ودعوات موجهة للمجتمع الدولي تطالب بطرد هذه الميليشيات، وبدأت مؤخرا موجة الانشقاقات عن الفرق الإيرانية، واستطاع أكثر من 20 مقاتلا الانشقاق عن لواء القدس وهم من أبناء مدينة الميادين بسبب الزج بهم في منطقة البادية التي تتعرض لهجمات متكررة من تنظيم الدولة الإسلامية، وخوفاً من احتمالات استهداف الولايات المتحدة لهم في ظل الهجمات الجوية التي تتعرض لها الميليشيات الإيرانية في دير الزور والمناطق المجاورة، وفي ظل هذا النفور الذي يسود المشهد في دير الزور والمناطق الأخرى عمدت إيران إلى توزيع كتب تلمع صورة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة، حيث تم توزيع نسخ ذلك الكتاب على عناصرها المحليين ويتضمن سيرة حياة سليماني في الحرس الثوري من المناصب ووصولاً إلى قيادته فيلق القدس، كما يتضمن الكتاب أقوالاً وخطباً له وكأن سليماني شخص ينتمي لهذه المنطقة، وهذا ما يوضح مدى الهجمة الناعمة بشكلها المكثف وتتجلى فيها كل المعالم الثقافية والسياسية الإيرانية، وحالة الغضب والنفور المتزايد مؤخراً توضح بما فيه الكفاية مدى الضغط الممارس من قبل إيران على هذه المنطقة للحيلولة دون حدوث متغيرات تؤثر على ما فعله مهندس المشروع الإيراني في سوريا، ومن جانب آخر تدل على عدم نجاح إيران في إخضاع الشعب السوري لسياستها وحصد أكبر تأثير ممكن من النفوذ داخل النسيج السوري وتبين مدى ضعف إيران في سوريا قياساً بمدى نفوذها في العراق. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .