العدد 4127
السبت 01 فبراير 2020
banner
أسباب فشل الثورة الديمقراطيّة في إيران (1)
السبت 01 فبراير 2020

مثل ثورات ما أصبح يسمّى بـ “الرّبيع العربي”، جاءت الثورة الإيرانيّة التي أطاحت بنظام الشّاه في عام 1979 بأمل كبير يتمثّل في قيام نظام ديمقراطي يضمن الحريّات العامة والخاصّة، وينهي عهودا طويلة من الاستبداد، والظلم والطغيان، غير أن هذا الأمل سرعان ما انطفأ ليبسط الظلام نفوذه من جديد على إيران، وتصبح كل القوى الديمقراطيّة ملاحقة ومحرومة من المشاركة في الحياة السياسية، فإن هي حاولت ذلك، عرّضت نفسها لمخاطر جسيمة، ولكن ما أسباب هذه الانتكاسة؟ وما هو مفهوم الجمهوريّة الإسلاميّة التي فرضها الخميني على الشّعب الإيراني؟ ولماذا فشلت القوى الديمقراطيّة والحداثيّة في مواجهة الخميني ورجال الدين؟ على مثل هذه الأسئلة وغيرها يحاول المفكّر الإيراني مهناز شيرالي الإجابة في كتابه الصادر في فرنسا تحت عنوان: “هزيمة الفكر الديمقراطيّ في إيران”.

في بداية كتابه، يشير هذا المفكّر الذي يعيش في المنفى منذ فترة طويلة إلى أن الثّورة الإيرانيّة أفرزت نظاما سياسيّا غريبا يسمّى “الجمهوريّة الإسلاميّة”، وهو يطرح السّؤال التّالي: لكن هل يمكن أن ينسجم نظام جمهوري جاءت به الثّورات الحديثة من أجل تحقيق الديقراطيّة مع رؤية رجعيّة؟ ويرى مهناز شيرالي أن “الجمهوريّة الإسلاميّة” شيء سياسيّ بلا هويّة، وبلا مفهوم محددّ، لذلك حاول ويحاول العديد من الباحثين أن يقدّموا تعريفا دقيقا وواضحا لهذه “الجمهوريّة الإسلاميّة” من دون التوصل إلى أيّة نتيجة مقنعة ومفيدة.

ويعود مهناز شيرالي إلى أحداث تاريخيّة عرفتها إيران خلال القرن العشرين، ساعيا من خلالها إلى فهم ما أدّى بالثورة إلى الانحراف، ففي عام 1905،عرفت بلاد فارس انتفاضات شعبيّة هائلة أفضت إلى قيام نظام ملكيّ دستوريّ، ولمّا أدركت القوى الدينيّة أن القوانين الجديدة التي جاء بها الدستور، تسلبها الكثير من نفوذها وقوّتها، خيّرت التّحالف مع النّظام الملكيّ، وفي صيف عام 1908، قام الجيش الرّوسي بدعم نظام حمد علي شاه لقصف البرلمان، وقد وافقت بريطانيا في الخفاء على تلك العمليّة المعادية للدستور، والتي كان الهدف منها ضرب القوى الديمقراطيّة الصّاعدة، وبسبب ذلك، اندلعت حرب أهليّة مدمّرة مزّقت أوصال البلاد، وأشعلت الظّغائن، بين أبناء إيران، وفي عام 1925، جلست عائلة بهلوي على العرش، مستعينة بالقوى الكبرى لتركيز حكمها، ومع النّظام الملكيّ الجديد، تحالف اللّيبيراليّون وكبار تجّار “البازار” المتأثّرين بالأفكار الغربيّة، وبعد سقوط حكومة مصدّق بسبب المؤامرات التي دبّرتها الدول الغربية الكبيرة، خصوصا الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، ظهرت ثلاث قوى سياسيّة متمثّلة في كلّ من الليبيراليين والشيوعيين ورجال الدين، وجميع هذه القوى، اتحدت لتناضل ضدّ النظام الملكي المدعوم من الغرب. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .