+A
A-

بعد استقالة عبدالمهدي.. ماذا ينتظر مرشحي حكومة العراق الجديدة؟

يعد منصب رئيس الوزراء، بحسب نظام الحكم الذي أقره الدستور العراقي بعد سقوط نظام صدام حسين، أهم منصب في الدولة، فهو رئيس السلطة التنفيذية والقائد العام للقوات المسلحة، ويقبض على كل زمام الأمور في الدولة وهو بحسب الانقسام التقليدي المعهود من حصة المكون الشيعي منذ العام 2005 وإلى الآن.

وأتت استقالة رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي بعد أكثر من شهرين من اندلاع تظاهرات غاضبة راح ضحيتها ما لا يقل عن 450 قتيلا وأكثر من 17 ألف جريح، ما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الاستقالة ستوقف نزيف الدم العراقي وتتيح التوصل إلى حلول للأزمة؟ أم إلى تعقيدها بشكل أكبر؟

وهل ستفتح استقالة الحكومة بابا جديدا للأزمات في العراق وعودته للمربع الأول، و"ما هي الكتلة الأكبر؟" و"إلى من سيتجه رئيس الجمهورية بتكليفه لشخصية رئيس الوزراء؟"

ويخشى الكثير من العراقيين، وخصوصا المحتجين من استمرار تصاعد العنف الذي قد يؤدي لسقوط المزيد من القتلى، وكذلك دخول مدن جديدة على خط التظاهرات والوقفات التضامنية مثل مدن صلاح الدين ونينوى والأنبار، ناهيك عن الضعف والبطـء في تحرك البرلمان صوب تنفيذ إصلاحات خاصة بعد موافقته على استقالة الحكومة، والتي صوت أكثر من 240 نائبا في البرلمان العراقي على قبولها.

أسماء كثيرة جرى الحديث عنها لتولي الحكومة المقبلة، في ظل الاشتراطات الجديدة ودخول المتظاهرين كلاعب أساسي بالعملية السياسية في العراق، ومنها المستشار في الحكومة العراقية والوزير السابق علي الشكري، وكذلك النائب عزت الشابندر، الذي نفى خبر ترشح اسمه، وعدة أسماء أخرى.

والمهم في الأمر.. ما هي الآلية التي سيأتي بها رئيس الوزراء الجديد والحكومة الجديدة في ظل حراك شعبي واحتجاجات عارمة تعصف بالبلاد؟

وتعليقا على الموضوع، قالت النائبة في البرلمان العراقي آلاء الطالباني لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" إن الإشكالية ليست سهلة وإذا عدنا للدستور فإن رئيس الجمهورية منذ اليوم سيكون أمامه 15 يوما ليكلف بها اسم آخر أو شخصية من الكتلة الأكبر ليكون مكلفا بتشكيل الحكومة خلال فترة 30 يوما.

وفي هذه الـ15 يوما لا تزال هناك إشكالية قانونية، وهي هل على رئيس الجمهورية أن يلتزم بموضوع الكتلة الأكبر؟ فهناك تفسير يقول إنه يجب الالتزام بالكتلة الأكبر في حالة الحكومة الأولى، أما إذا استقالت الحكومة الأولى أو الثانية، أو عندما يخفق أو يفشل الشخص المكلف الحالي بتشكيل حكومته خلال 30 يوما، يكلف رئيس الجمهورية شخص آخر.

وهناك من يقول إن أي شخص سيأتي يجب أن يحظى بقبول جميع الكتل السياسية والأهم هو قبول الشارع له.

وهناك من يقول عكس ذلك، فالدستور واضح ويجب أن يكون من الكتلة الأكبر، ورئيس الوزراء المقال حاليا لم يأت من الكتلة الأكبر، ولم تكن له كتلة برلمانية أصلاً، بل جاء باتفاق كتلتي "سائرون" و"الفتح"، وكان مرشحا توافقيا. وكتلة "سائرون" هي الأكبر عددا في مجلس النواب العراقي، ولكنهم أعلنوا، أمس الأحد، خلال مؤتمر صحافي عن تنازلهم عن هذا الاستحقاق ولن يكون مرشح رئاسة الوزراء منهم.

وأكدت الطالباني أن الكتلة الثانية من حيث العدد هي "الفتح"، فهل سيقوم رئيس الجمهورية بتسمية المكلف بتشكيل الحكومة من الكتلة؟ أم من خارجها؟ وقد تتفق كتلة "الفتح" على مرشح توافقي منهم، هذا ما ستكشفه الاجتماعات خلال الأيام المقبلة.

وأضافت الطالباني أن المستشار الحالي في رئاسة الجمهورية والنائب السابق علي الشكري هو من الأسماء المرشحة لرئاسة الوزراء، ولكن لحد اللحظة لم يتم طرح الأسماء رسميا، وهناك مطالب جماهيرية من المتظاهرين بأن يكون لهم رأي في اختيار رئيس الوزراء القادم.

وقالت الطالباني إن الكتل الكردستانية إلى الآن لا موقف واضح لها من الكتل الكردية، سوى تصريح رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، الذي أكد فيه أن أي اختيار جديد يجب أن يكون وفق السياقات الدستورية.

وأضافت الطالباني أنه لا اعتراض للكتل الكردية حاليا، وهم سيكونون جزءا من حل الأزمة في العراق.

من جانبه، قال النائب في البرلمان العراقي عن تحالف "القوى العراقية"، مقدام الجميلي، لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" إنه بالنسبة لموضوع اختيار البديل لرئيس الوزراء، وقّع أكثر من 125 نائبا في البرلمان العراقي على شروط اختيار رئيس الوزراء القادم.

شروط اختيار رئيس الوزراء

وأكد الجميلي أن الشروط هي أن يكون رئيس الوزراء الجديد مستقل وغير متحزب، وأن يكون أكاديميا ولا يكون من الذين اشتركوا بالعملية السياسية كجهة تنفيذية خلال الفترة الماضية، ولا يحمل جنسيتين، وأن يكون متواجدا ومقيما في البلد منذ فترة طويلة.

وسوف يتم التصويت على شروط اختيار رئيس الوزراء القادم، وهذا القرار سيرسل إلى رئاسة الجمهورية.

وأضاف الجميلي أن هؤلاء النواب الذين وقعوا على اختيار رئيس الوزراء هم من كل الكتل في البرلمان العراقي من "سائرون" و"الفتح" والكتل الكردية، بالإضافة إلى تحالف "القوى العراقية" وجميع الكتل الأخرى في مجلس النواب العراقي.

وأضاف الجميلي أن الحراك الجماهيري الغاضب الذي تمخض عنه استقالة الحكومة لا يرضى بأن يأتي برئيس وزراء شغل منصبا تنفيذيا خلال المرحلة الماضية.

واستدرك الجميلي أنه منذ اليوم الأول لبدء الاحتجاجات في الأول من أكتوبر، كانت هناك جلسات مستمرة لمجلس النواب تمخضت عنها إقرار قوانين وقرارات مهمة منها، والكثير من القوانين التي خرج المتظاهرون للمطالبة بها، منها قانون التقاعد والانتخابات الموحد الخاص بمجلس النواب، وكذلك تغيير المفوضية المستقلة للانتخابات، والشروع بالتصويت على قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، من أجل ضمان انتخابات مبكرة تضمن للجميع المشاركة، وولادة برلمان جديد بعدد أقل من العدد الموجود حاليا.

وعن الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة، قال الجميلي إن كل الأسماء المطروحة هي متداولة في الإعلام ولا يوجد شيء رسمي للعمل عليه.

من جانبه قال السياسي المستقل غانم العابد لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" إنه ولأول مرة في تاريخ الحكومات العراقية، ومنذ العام 2005 وإلى اليوم، تكون الكتل السياسية هي الحلقة الأضعف في تسمية شخصية رئيس مجلس الوزراء القادم، وإن الكتل ستسعى من أجل أن تأتي بشخصية رئيس وزراء يبقي على الأقل على مصالحها أو نفوذها، وعدم فتح ملفات الفساد وعدم فتح كل الملفات السابقة.

وأكد أن القول الفصل أصبح بيد إيران من جهة وبيد المتظاهرين من جهة أخرى، والمتظاهرون لن يرضوا بحكومة تستبدل عادل عبدالمهدي بشخص آخر، ويكون بنفس الأداء، وإيران ستبحث عن رئيس وزراء سيكون له دور مكمل لما بدأه رئيس الوزراء المستقيل.

وأكد العابد أن الموضوع سيكون عسيرا، ولن يمر رئيس الوزراء بسهولة ولن يحسم وسيطول لفترة ليست بالقصيرة.

من جانبه، قال الناشط في التظاهرات العراقية علي عزيز لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" إن نهجنا معروف وواضح، وقد أوصلنا رسالتنا مع ممثل المتظاهرين في الأمم المتحدة، مظفر قاسم حسين، وبعثت مطالبنا بظرف مغلق إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن الدولي لمساعدة المتظاهرين في تحقيق مطالبهم.

وأكد أنهم يريدون مجلس حكم مؤقتا يقود البلد لمرحلة إجراء انتخابات حرة ونزيهة بحيث يتألف هذا المجلس من قضاة ومتظاهرين هم من يختارهم، وبالتالي ليضمنوا عدم مشاركتهم بأي انتخابات لاحقة.

وأضاف أنهم لا يريدون أي حزب من أحزاب السلطة ولا أي وجه من وجوه هذه العملية السياسية، ويطالبون بتأسيس أحزاب جديدة وفق القوانين العادلة، فمنذ العام 2003، ولحد الآن، لم يجن العراقيون من هذه الأحزاب سوى القتل والسرقة والفساد والخراب.

كما أكد أن استقالة عبدالمهدي كان من الممكن أن يقدمها وفق المادة رقم 81، فإنها تضمن لرئيس الجمهورية أن يستلم هذه المهام وخلال 15 يوماً يرشح شخصية أخرى، لكن المشكلة الحقيقية لنا كعراقيين هي ليست حكومة.

وأضاف أنهم يريدون أكبر من استقالة الحكومة، وأن استقالة الحكومة هذه هي شيء عرضي يجب أن يحدث وهذا أمر مفروغ منه.

واستدرك أنهم يريدون عملية سياسية جديدة تضمن عراقاً جديداً للعراقيين، ولا يقتصر الموضوع على ذهاب عادل عبدالمهدي ومجيء غيره، فهذا ليس حلاً جذرياً.

وأضاف أن الحل الحقيقي هو تبديل الطبقة السياسية بطبقة أخرى، وتبديل العملية السياسية بعملية سياسية أخرى، تحفظ للعراقيين كرامتهم وتعيد لهم وطنهم الذي خرجوا لاستعادته من سيطرة الموالين لإيران.