العدد 4061
الأربعاء 27 نوفمبر 2019
banner
كفوا أذاكم فقط
الأربعاء 27 نوفمبر 2019

“على إيران أن تختار ما إذا كانت دولة أم ثورة”، قالها وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير منتقدا مخططاتها الخبيثة تجاه دول المنطقة، والتي تسعى إلى تنفيذها عبر أذرعها الممتدة في دول عربية عدة. ما ردده الجبير أكثر من مرة تقوله الدول العربية: على إيران تقويم سلوكها العدائي المنحرف عن مسار العلاقات الطبيعية المنسجمة مع مبادئ حسن الجوار، والملتزمة بالقانون الدولي، إذا كانت لديها رغبة حقيقية بأن تنأى بنفسها عن العزلة الدولية التي تزداد يوما بعد يوم، والعقوبات الضاغطة على اقتصادها المتداعي.

إذا المعادلة بسيطة، والمطلوب باختصار هو أن تكف طهران أذاها عن الدول العربية وشعوبها، ذلك الأذى متعدد الصور، إما من خلال التدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول وزرع بذور الفتنة، بهدف تصديع بنيان المجتمعات وتشظيتها لتنفذ إليها وتحولها إلى بلدان فاشلة خدمة لمشروعها التوسعي، أو بإنشاء الميليشيات الإرهابية، وتدريب عناصرها وإمدادها بالمال والسلاح والعتاد النوعي من صواريخ باليستية وطائرات مسيرة لتهديد أمن دول المنطقة، والتجارة الدولية، ومصادر الطاقة. والمفارقة هنا أن الشعب الإيراني يئن تحت وطأة الفاقة والعوز، في حين يبدد النظام ثروات البلاد وأموالها على دعم الإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

في ظل هذا الواقع فإن ما تردد مؤخرا عن زعم إيران الرغبة في التحاور مع دول المنطقة لا يمكن وضعه إلا في سياق المراوغة السياسية المكشوفة ومحاولة كسب الوقت، ولا يمكن أخذه على محمل الجد وهي تمارس ذات النهج الذي انتفض ضده العراقيون وصدحوا بأصواتهم “إيران برا برا بغداد حرة حرة” بعد أن ضاقوا ذرعا بالتدخل في شؤون بلادهم واستغلالها أسوأ استغلال.

وفي اليمن يقف الشرفاء إلى جانب جيشهم الوطني، بإسناد من قوات تحالف دعم الشرعية، لمواجهة ميليشيا الحوثي التي اختطفت الدولة لصالح مشروع إيران، أما لبنان الذي ابتلي بميليشيا حزب الله التي لا تنفك تتباها جهارا نهارا بتبعيتها لنظام طهران، فعلت الأصوات الرافضة لتلك التبعية مطالبة بتقديم المصلحة الوطنية على ما سواها والتوقف عن التصرف كدولة داخل الدولة.

ثم كيف لطهران أن تدعي رغبة في الحوار وهي تمضي في تحدي المجتمع الدولي بانتهاك التزاماتها في الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى عام 2015 بزيادة تخصيب اليورانيوم وإعادة تشغيل المنشآت النووية، حتى أن الاتحاد الأوروبي أقر بصعوبة الحفاظ على الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة قبل أن تعيد فرض العقوبات على طهران ونظامها، ناهيك عن برنامج الصواريخ الباليستية الذي يعد انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي.

الدبلوماسية العربية مطالبة في هذه المرحلة بعدم تفويت الفرصة، بتكثيف الجهود والعمل مع الدول الحليفة والصديقة، على نحو يفضي إلى إرغام طهران على الخضوع لمطالب المجتمع الدولي، ولا تتحقق تلك المطالب إلا بصياغة اتفاق شامل مع إيران يأخذ بعين الاعتبار كل بواعث القلق وجوانب تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. اتفاق يكون ضامنا لأربعة أمور رئيسة وهي: أولا عدم حصول إيران على السلاح النووي، مع برنامج مراقبة صارم، ثانيا: وضع حد لبرنامج إيران للصواريخ الباليستية، ثالثا: الامتناع عن دعم وتمويل الإرهاب، رابعا: الكف عن التدخل في شؤون الدول الداخلية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية