اعتقد البعض أن الاحتجاجات والمظاهرات في لبنان ستخمد وتأفل بعد الإعلان عن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية من قبل الحكومة اللبنانية منها تخفيض رواتب الوزراء والنواب إلى النصف ووعود مفادها عدم إضافة أية ضرائب جديدة في موازنة العام القادم والتعهد بالسعي لتحقيق اشتراطات الدول المانحة للحصول على أموال المانحين الدوليين التي لم يستطع لبنان الحصول عليها بسبب الخلافات السياسية ما حرم الشعب اللبناني من أكثر من 11 مليار دولار.
الشعب اللبناني كان أكثر وعياً ولبابة من أن يستكين إثر إبرة تخدير موضعية، فاللبنانيون يفقهون أن السبب الرئيسي للأوضاع الاجتماعية المتردية الطبقة السياسية برمتها، حيث لم يستثن منها أي حزب أو تكتل، وفي مقدمتهم طبعاً حزب الله، فعلى الرغم من أنه كان يمتلك قاعدة مناصرين عقدية، نراهم اليوم قد انفضوا من حوله بعد أن زاد فساده وكثرت تخبطاته.
فعلى الرغم من عروبة لبنان إلا أنها للأسف سُرقت من حزب الله الإيراني، فبعد أن امتدت أذرع إيران من خلال حزب الله اللبناني وباتت أقوى من الدولة بأجهزتها فقدنا لبنان وضاعت بوصلته، أصبحنا نعرف المواقف الرسمية والتوجهات من تصريحات حسن نصر الله فهو يحكم كما لا تفعل الرئاسات الثلاث مطلقاً التي استولى عليها حزب الله على الرغم من سياسة المحاصصة.
الوضع اللبناني اليوم أكبر من أن يتم إصلاحه برزمة من الإصلاحات أو اجتماعات مع الدول المانحة لتأمين الدولارات، فالشعب أصبح يعلم أن الفساد المتفشي بين طبقة السياسيين المتآمرين مع حزب الله ضد الوطن جوهر ولب الموضوع، لذلك فإن مطالب المتظاهرين جوهرية في أساسها لا ترقيعية.
تغلغلت إيران وتوسعت في لبنان وتمكنت فيه بعد أن برز دور حزب الله مقابل انكفاء من الدول العربية التي ساهمت سلبيتها في التعاطي مع الملف اللبناني في انسلاخه عن الجسد العربي. اللبنانيون اليوم يطالبون بالإصلاح السياسي في سبيل أوضاع اجتماعية أفضل، أما حان الوقت للدول العربية أن تتدخل ليعود لبنان للحضن العربي؟.