+A
A-

مكتب الحريري: حكومات أجنبية تدعم أهداف لبنان للإصلاح

عقد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، اليوم الثلاثاء، سلسلة اجتماعات مع سفراء دول أجنبية داعمة للبنان غداة إقرار حكومته إصلاحات جذرية، لم تقنع المتظاهرين الذين افترشوا الطرق والساحات لليوم السادس على التوالي.

واجتمع الحريري بعد ظهر اليوم في السراي الحكومي بسفراء الولايات المتحدة اليزابيث ريتشارد، وروسيا ألكسندر زاسبيكين، وفرنسا برونو فوشيه، وبريطانيا كريس رامبلنغ، وألمانيا جورج برغلين، وإيطاليا ماسيمو ماروتي، والاتحاد الأوروبي رالف طراف، والقائم بالأعمال الصيني جيانغ زويانغ، والمنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، وممثل جامعة الدول العربية السفير عبد الرحمن الصلح. كذلك استقبل الحريري السفير الكويتي عبد العال القناعي.

وقال مكتب الحريري إن السفراء طالبوا لبنان‭‭ ‬‬بالتعامل مع مطالب المحتجين والكف عن استخدام العنف ضدهم والتصدي للفساد.

كما نقل مكتب رئيس وزراء لبنان عن منسق الأمم المتحدة في لبنان قوله، اليوم الثلاثاء، إن حكومات أجنبية عبرت عن تأييدها لأهداف الإصلاح التي حددتها الحكومة اللبنانية.

مجموعة الدعم الدولية تطالب بتقليص الهدر

وبعد الاجتماع، قال كوبيتش: "أطلع الرئيس الحريري السفراء على جدية الإجراءات التي طال انتظارها والتي اتخذت بالأمس من الحكومة، سواء كانت كجزء من مشروع موازنة العام 2020 لكي يتم إقرارها ضمن المهل الدستورية، أو من خارج الموازنة".

وأضاف: "مجموعة الدعم الدولية عبرت عن دعمها للأهداف الإصلاحية التي أوجزها الرئيس الحريري والقرارات المعتمدة من الحكومة، والتي تتماشى مع تطلعات الشعب اللبناني. نحن نشيد بالتعبير الديمقراطي للشعب اللبناني ومطالبته بإصلاحات بنيوية وتغييرات اجتماعية ومسؤولة ومقبولة، يجب أن تقلص بشكل حقيقي الفساد والهدر وتبتعد عن الطائفية وتؤمن الحوكمة الصحيحة والمساءلة التامة وتؤدي إلى نمو مستدام واستقرار. إن شكواهم يجب أن تتم معالجتها. إن مجموعة الدعم الدولية ترحب بالسلوك المسؤول إلى حد كبير الذي انتهجته قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، واحترام إلى حد كبير منذ السبت الماضي حق الشعب بتظاهرات سلمية. وقد أحطنا علما بالتزام الرئيس الحريري أن الحكومة وقواها الأمنية الشرعية ستبقى توفر الحماية للمدنيين المتظاهرين بشكل سلمي، وستتخذ التدابير المناسبة تجاه أي تحريض عنيف محتمل لحماية الممتلكات العامة والخاصة والمؤسسات وحق الشعب في التعبير السلمي عن آرائه".

وختم: "إن مجموعة الدعم الدولية تحض المسؤولين والجهات السياسية الفاعلة في لبنان على الاستماع إلى المطالب الشرعية التي يطرحها الناس، والعمل معهم على الحلول ومن ثم على تطبيق هذه الحلول، والامتناع عن الكلام والأفعال التي يمكن أن تلهب التوترات وتحرض على المواجهة والعنف. إن مجموعة الدعم الدولية تجدد تأكيد دعمها القوي للبنان وشعبه ووحدة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي".

وأقرّت الحكومة اللبنانية، أمس الاثنين، رزمة إجراءات إصلاحية، عبر إقرارها موازنة العام 2020 مع عجز نسبته 0.6% وإجراءات من خارجها، لا تتضمن فرض أي ضرائب جديدة. وتتمحور أبرز الإجراءات حول خفض النفقات العامة للدولة والموافقة على بدء تنفيذ مشاريع إصلاحية وردت في مؤتمر "سيدر".

وأكد المستشار الاقتصادي للحريري نديم المنلا في حديث لصحافيين، أن رئيس الحكومة ينتظر رداً دولياً إيجابياً بشأن الإصلاحات الاقتصادية الجذرية التي اعتمدتها حكومته.

الإصلاحات.. مطلب أساسي من الأسرة الدولية

ولم تصدر أي ردود فعل دولية بارزة من الدول الصديقة للبنان إزاء موجة الاحتجاجات التي عمت المناطق اللبنانية والإصلاحات التي أعلنت على إثرها، باستثناء فرنسا التي حضت الحكومة اللبنانية على تطبيق الإصلاحات الضرورية ليستعيد الاقتصاد اللبناني عافيته وتؤمن الدولة الخدمات العامة بما يصب مباشرة في مصلحة المواطنين اللبنانيين".

وأعلن المنلا لصحافيين "نعتقد أنه بعد إعلان قرارات الحكومة أمس سنتلقى ردود فعل إيجابية" من السفراء.

وأضاف أن تلك الإصلاحات "كانت المطلب الأساسي للعديد من أعضاء المجتمع الدولي".

وتعهدت الحكومة العام الماضي أمام المجتمع الدولي بتخفيض النفقات العامة وبمشاريع اصلاحية مقابل حصولها على قروض وهبات بقيمة 11.6 مليار دولار أقرها مؤتمر "سيدر" في باريس.

إلا أن تباين وجهات النظر إزاء تطبيق هذه المشاريع والخلاف على الحصص والتعيينات داخل الحكومة التي لا يحظى فيها الحريري بأكثرية، حالت دون وفاء الحكومة بالتزاماتها.

ومن أبرز بنود الخطة التي تمّ الإعلان عنها، الاثنين، أن يساهم القطاع المصرفي والمصرف المركزي بخفض العجز بقيمة تتجاوز خمسة آلاف مليار ليرة (3.3 مليار دولار) خلال العام 2020، وزيادة الضريبة على أرباح المصارف.

وخفضت وكالات دولية التصنيف الائتماني للبنان، متوقعةً استمرار تراجع ثقة المستثمرين ما لم تتمكن الحكومة من تطبيق إصلاحات جذرية.

وأعرب المنلا عن أمله في أن تؤدي حزمة الإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة اللبنانية، الاثنين، إلى "ردود فعل إيجابية في السوق".

وتتضمن الإصلاحات إجراء دراسة لخصخصة جزئية أو كلية للعديد من المؤسسات والقطاعات العامة، من ضمنها قطاع الهاتف المحمول، ومرفأ بيروت، وخطوط طيران الشرق الأوسط.

لا استبعاد لتعديل وزاري

وتعهّدت الحكومة بإقرار مشاريع المرحلة الأولى من مؤتمر "سيدر" والبالغة قيمتها 11 مليار دولار، خلال ثلاثة أسابيع.

وتنص القرارات الجديدة أيضاً على خفض رواتب الرؤساء والنواب والوزراء الحاليين والسابقين بنسبة 50%، وخفض العجز في مؤسسة كهرباء لبنان، القطاع الذي تقدّر قيمة العجز السنوي فيه بنحو ملياري دولار سنوياً. ويشكل إصلاح هذا القطاع أولوية بالنسبة للجهات المانحة.

ولم تحظ هذه الإصلاحات بقبول المحتجين واعتبروها غير كافية ورأوا أنها بمثابة خطوة من الطبقة السياسية للحفاظ على وجودها في الحكم.

وفي سياق متصل، أعلن المنلا أن قانوناً جديداً لاستعادة الأموال المنهوبة يجري إعداده حالياً، مضيفاً أن مقترحات من المجتمع المدني ستؤخذ بعين الاعتبار لدى صياغة النص.

وقال إن "الضغط الذي ظهر في الأيام الأخيرة وربما الأسابيع الأخيرة أمر لا رجعة فيه برأيي وسيؤدي إلى صدور قوانين ملموسة جداً".

من جهته، أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون، الاثنين، تأييده لرفع السرية المصرفية عن الوزراء. وفي هذا السياق، قال المنلا: "أعتقد أن (الوزراء) سيستجيبون، وقد رأيت أن هناك تحركاً بهذا الاتجاه".

وأضاف أن إجراء تعديلات وزارية ليس بالأمر المستبعد، موضحاً "أعتقد أن الأمر سيحدد خلال الأيام المقبلة. وهذا واحد من الخيارات".