+A
A-

تطليق سيدة عن والد ابنيها بعدما هجرهم واختفى منذ العام 2015

قالت المحامية ابتسام الصباغ إن محكمة الاستئناف العليا الشرعية الثانية (الدائرة الجعفرية) قضت بتطليق سيدة "42 عاما" عن زوجها "51 عاما" ووالد ابنيها، بعدما هجرها منذ العام 2015 واختفى دون أثر، وعند مطالبته بالحضور لمكتب التوفيق الأسري امتنع عن الحضور مرتين ولم تتمكن المحكمة من الصلح بينهما؛ وذلك خلال أقل من 6 أشهر منذ بدء النظر في القضية أمام محكمة أول درجة التي أصدرت سابقا حكمها خلال شهر واحد برفض الدعوى.

وأفادت وكيلة الزوجة أن الواقعة تتحصل في أن المستأنفة أقامت على زوجها ووالد ابنها وابنتها بتاريخ 12 نوفمبر 2018 الدعوى مطالبة الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة للهجران منذ شهر شعبان في العام 2015، بعدما واجهته بعلاقته غير الشرعية مع امرأة أجنبية كان يسافر ويخرج معها، وأن طليقها أخذ أغراضه وتركها بمنزل الزوجية -الذي وفره لهما والدها- معلقة بدون سبب مشروع.

وبتاريخ 26 ديسمبر 2018 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، استنادا لعدم وجود الدليل على حصول الهجران المبرر للتفريق القضائي بسبب الهجر، لكن هذا القضاء لم يصادف قبولا لدى المستأنفة فطعنت عليه بالاستئناف الماثل طالبة الحكم لها في الموضوع، بإحالة الاستئناف للتحقيق لتثبت المستأنفة بكافة طرق الإثبات القانونية أن المستأنف عليه هجرها منذ العام 2015 وتركها دون سبب مشروع، وبإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا بتطليق المستأنفة على المستأنف عليه طلقة بائنة للهجر.

من جهتها أشارت المحكمة في أسباب حكمها إلى أنها نظرت الاستئناف وعرضت الصلح على الطرفين، فباءت محاولتها بالفشل، وطلبت وكيلة المستأنفة إحالة الاستئناف للتحقيق لإثبات الهجر، فأصدرت المحكمة حكما تمهيديا بإحالة الاستئناف للتحقيق لتثبت المستأنفة بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة الشرعية وشهادة الشهود الهجران الذي ابتدأ من العام 2015 وإلى حين رفع هذه الدعوى الماثلة، وصرحت للمستأنف عليه النفي بذات الطرق.

وبجلسة التحقيق أشهدت المستأنفة كلا من والدها وشقيقها، إذ شهد الأول على أن المستأنفة والمستأنف عليه كان يسكنان معه بمنزله، في وحدة سكنية قد خصصها لهما منذ العام 2011، إلا أن المستأنف عليه ترك المنزل وهجر المستأنفة واختفى نهائيا منذ عام 2015 ولغاية رفع هذه الدعوى، بعد أن جاء وأخذ أغراضه الشخصية، وفي اليوم التالي أرسل عمالا أخذوا بقية الأغراض.

وأضاف والد الزوجة أن زوج ابنته توقف عن دفع رسوم مدارس ولديه (بنت وولد) ثم تكفل بدفعها بنفسه كما تكفل بكافة نفقات ابنته المستأنفة وولديها شاملة المواصلات، إذ خصص لها سيارة لأجل ذلك.

فيما قرر شقيقها أن المستأنف عليه هجر المستأنفة منذ شهر شعبان من العام 2015 وقد استمر الهجران إلى حين رفع هذه الدعوى.

فيما لم يقدم المستأنف عليه أي شهود نفي، وقدم ردا على أقوال الشهود، محصلها أن الهجران كان بسبب المستأنفة، إذ أنه كان يسكن معها بوحدة سكنية بمجمع سكني تابع لوالدها، ثم انتقل إلى منزل خاص فرفضت الالتحاق به، أما عن الشهادة فلا يصح الأخذ بها لوجود خلاف بينه وبين الشاهدين، وانتهى في ختامها إلى رفض الدعوى.

وتابعت، أن أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الواقعة المطلوب إثباتها بجميع تفاصيلها بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى الحقيقة فيها، وأن المقرر في قضاء محكمة التمييز أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والموازنة بينها، فلها الأخذ بأقوال الشهود أو إطراحها.

ولفتت إلى أن الثابت بأقوال شاهدي الإثبات أن المستأنفة متضررة بسبب قيام المستأنف عليه بهجرها، والتي جاءت شهادة عيان وليست شهادة سماعية، وهي بينة شرعية تامة على ثبوت الهجران الذي يعد ضربا من ضروب الضرر في حق المستأنفة، وأن هذا الهجر الذي استطال لمدة جاوزت 4 سنوات ينال من الزوجة ويصيبها بأبلغ الضرر ومن شأنه أن يجعلها كالمعلقة فلا هي ذات بعل ولا هي مطلقة، وكان هجر الزوج لزوجته بما لا تتحمله بغير مسوغ شرعي يعد ضربا من الأذى يندرج في أفعال الأضرار التي تبرر التطليق الجبري على الزوج، فيتحقق به الضرر المبرر للتفريق.

وأكدت على أنه لا يصح القول أن الهجر جاء من قبل الزوجة، لأن ذلك يدحضه مسلك المستأنف عليه حيالها، وعدم محاولته إرجاعها أو رفع دعوى بالمتابعة إلى بيت الزوجية طوال تلك المدة، وكذلك عدم حضوره جلستي الصلح بمكتب التوفيق الأسري التابع لوزارة العدل رغم سبق استدعائه، وبذلك سجل الباحث الاجتماعي تعذر محاولة الصلح، كما لا يرد القول بعدم جواز الاستناد إلى شهادة الشاهدين لوجود خلاف بينهما، فإن المحكمة لم تجد ما يمنع من قبول شهادة الشاهدين، لاطمئنانها إلى صدق شهادتهما وسلامة أقوالهما.

وانتهت إلى القول بأن قضاء الحكم المستأنف برفض الدعوى رغم تخلي المستأنف عليه عن زوجته وتركها بمنزل أهلها منذ العام 2015 يكون مخالفا للقانون، فضلا عن عوار الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، فيتعين لكل ذلك إلغاؤه، والحكم بتطليق المستأنفة على المستأنف عليه طلقة بائنة للهجر.

فلهذه الأسباب حكمت بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بتطليق المستأنفة على زوجها المستأنف عليه طلقة أولى بائنة للهجر، وعليها إحصاء عدتها من هذا الطلاق حسب حالها اعتبارا من تأريخ وقوع الطلاق، ولا تحل للمستأنف عليه إلا بعقد ومهر جديدين، وليس لها الزواج من رجل آخر إلا بعد صيرورة هذا الحكم نهائيا بمضي مدة الطعن بالتمييز، وإيقاع صيغة الطلاق وانتهاء فترة العدة الشرعية.