+A
A-

اتحاد النقابات يرفض التعدي على صندوق التعطل

رفض الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين المساس بأموال صندوق التعطل، أو التصرّف بها في غير الأوجه التي خصص له والأهداف التي أنشئ من أجلها، وذلك في بيان أطلقه اليوم 18 من مارس 2019م، أكد فيه على وجوب أن يتحمل من اتخذ قرار طرح مشروع التقاعد الاختياري مسؤولية تبعاته المالية واستحقاقاته، وأن لا يحمّل العمال أية تداعيات مالية أو حقوقية ناجمة عنه.

وشدّد الاتحاد في بيانه على الشبهة الدستورية في التعديلات المقترحة على قانون التأمين ضد التعطّل، مذكراً السلطة التشريعية بمسؤوليتها إزاء هذه التعديلات، ومؤكداً أن إقرارها سيؤدي إلى إضعاف ثقة المواطنين بالمؤسسة التشريعية.

وقال الاتحاد في بيانه إن التصرّف بهذه الأموال بغير وجه حق هو بمثابة إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق، معبراً عن خشيته أن يؤسس تمرير هذه التعديلات إلى عادة صرف أموات أي برنامج لتمويل آخر لا يمت له بصلة.

وإليكم البيان كاملاً:

يتابع الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين عن كثب، وبقلق بالغ، ملف التعديلات على قانون التأمين ضد التعطل، الذي أحيل إلى السلطة  التشريعية بصفة الاستعجال، والتي تجيز للحكومة استقطاع مبالغ تصل إلى 230 مليون دينار بحريني من أموال صندوق التعطل من أجل تمويل برنامج التقاعد الاختياري؛ حيث تفاجأ الاتحاد العام بموافقة لجنة الخدمات في مجلس النواب على هذه التعديلات، علماً بأن اللجنة التشريعية بالمجلس قد أعطت رأياً صريحاً وواضحاً حول هذه التعديلات بعدم جواز التصرف بهذه المبالغ لوجود شبهة دستورية، حيث إنها مخالفة لما نص عليه دستور مملكة البحرين صراحةً، طبقاً للمادة الخامسة فقرة (ج ) منه: «تكفل الدولة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة، كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي والرعاية الصحية..»، وعلماً بأن السلطة التشريعية في الدورة السابقة رفضت كذلك تعديلات من هذا القبيل نظرا لوجود شبهة دستورية، ولمساسها بحقوق المتعطلين، وبالأهداف التي من أجلها أنشئ هذا الصندوق.

ويذكّر الاتحاد العام  بأن برنامج التقاعد الاختياري الذي تم تنفيذه في القطاع العام لم يتم التشاور بشأنه مطلقاً مع أطراف الإنتاج الثلاثة، وقد تساءل الاتحاد حينها عن مصادر تمويل هذا البرنامج،  وعما إن كان سيؤثر على موجودات الصناديق الائتمانية؛ ولذا يرى الاتحاد العام بأنه على من اتخذ قرار طرح مشروع التقاعد الاختياري أن يتحمل مسؤولية تبعاته المالية واستحقاقاته، وأن لا يحمّل العمال أية تداعيات مالية أو حقوقية ناجمة عنه. ويرفض الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين -ومن منطلق الحرص على الحقوق والمصلحة العمالية- رفضاً باتاً المساس بأموال صندوق التعطل أو التصرف بها في غير الأوجه التي خصص لها  والأهداف التي أنشئ من أجلها. 

إن السلطة التشريعية في مملكة البحرين أمام مسؤولية تاريخية إزاء هذه التعديلات، لأن إقرارها وتمريرها سيؤدي حتما إلى إضعاف ثقة المواطنين بهذه المؤسسة التشريعية وبكيفية ممارستها لسلطة التشريع، وكيفية تعاطيها مع قضايا المواطنين، وبالأخص القضايا التي تمس مباشرةً حياتهم المعيشية، كالتصدي للبطالة وإبعاد شبح العوز عنهم، لاسيما أن أموال هذا الصندوق مخصصة من أجل التخفيف من معاناة المواطنين قيد التعطل، لحين توفير فرص العمل اللائق لهم، والتصرف بهذه الأموال بغير وجه حق هو بمثابة إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق، إذ من المعروف أن صندوق التعطل تستقطع مدخراته من أجور الكادحين من عمال البحرين ومن كدهم وعرقهم وتعبهم وثمرة جهدهم، ولا يجوز صرف مدخراته في غير الأوجه التي أنشئ من أجلها.

إن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين كان من أوائل المطالبين بإيجاد مثل هذا الصندوق حتى قبل إنشائه ليكون ضمن منظومة متكاملة من التشريعات التي تقدم حلولا جذرية للباحثين عن عمل من المتعطلين، كما طالب اتحادنا في بيانات سابقة وبعد إنشاء الصندوق بأن يستثمر الفائض من مدخراته في إطلاق مشاريع اقتصادية توفر فرص عمل ذات قيمة مضافة للعاطلين.

إن تمرير هذه التعديلات من قبل السلطة التشريعية سيؤسس لسابقة خطيرة في صرف أموال أي برنامج لتمويل برنامج آخر لا يمت له بصلة، ويخشى الاتحاد أن يأتي اليوم الذي تنفد فيه أموال الصندوق بسبب سوء التصرف في مدخراته، فإذا كنا ننادي اليوم بأحقية المواطنين البحرينيين في الحصول على وظائف في سوق العمل؛ فالخشية أن ننادي في المستقبل القريب بتوفير مبالغ لإعانة المتعطلين، كما كنا نسمع قبل فترات غير بعيدة عن العجز الاكتواري لصناديق التأمينات الاجتماعية.

لقد تلمس الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الرفض الشعبي والعمالي الواسع النطاق لهذه التعديلات على قانون التعطل، ويدعو كلا من مجلسي السلطة التشريعية من النواب والشوريين إلى الأخذ في الاعتبار هذا الرفض الشعبي العارم للتعديلات المجحفة بحق المتعطلين، وأن يقدروا معاناتهم المعيشية، خاصة أن الصندوق كان في الأساس مطلباً عمالياً لمواجهة الآثار الاجتماعية الضارة للبطالة وانعدام الموارد المادية أمام العاطلين وذويهم، وأما برنامج التقاعد الاختياري فلا شأن له بأموال صندوق التعطل، فليست أموال المتعطلين مخصصة له أو ملك للمشتركين فيه، وعلى الجهة التي أطلقت برنامج التقاعد الاختياري أن تجد الموارد المالية لتمويله بدلاً من المساس بحقوق المتعطلين في صندوقهم الخاص، وكان حرياً بها أن توفر الموارد المالية لتمويله قبل الإعلان عنه والدعوة إليه، أو أن تصرف النظر عنه في حالة عدم توفر التمويل اللازم له.