+A
A-

انتحار واعتقالات وإدارة فاشلة.. ما مصير سد النهضة الإثيوبي؟

تواصل إثيوبيا غموضها بشأن سير عمل مشروع سد النهضة، الذي يتكلف 4 مليارات دولار، في حين يشهد الكثير من التأخيرات والانتقادات وتضارب التصريحات بين المسوؤلين في الدولة الأفريقية بشأن موعد إتمام البناء الضخم.

السد الذي يمثل حجر الزاوية لمساعي إثيوبيا، كي تصبح أكبر دولة مصدرة للكهرباء في أفريقيا، كان من المقرر إنهاء تشييده في يوليو 2017، بقدرة إنتاجية تبلغ 6 آلاف ميغاوات.

لكن تخبط تصريحات المسؤولين الإثيوبيين بشأن موعد إتمام بناء "النهضة" يثير الريبة، فقبل 3 أسابيع فقط من الآن، قال مدير المشروع إن إكمال التشييد يحتاج لأربع سنوات أخرى، معلنا تأجيله إلى 2022.

واليوم قال وزير المياه والطاقة أمام برلمان بلاده إن أديس أبابا ستبدأ التشغيل الأولي للسد في ديسمبر 2020.

وبين هذا التصريح وذاك وقبلهما أيضا، لخصت حقيقة المشروع على الأرض أسباب تأخير تشييد بناء السد، بدءا بانتحار مدير المشروع، ومرورا باعتقال السلطات العشرات من كبار مسؤولي شركة المعادن والهندسة (ميتيك) لتصنيع توربينات السد، بما في ذلك رئيسها، ووصولا إلى إلغاء رئيس الوزراء آبي أحمد علي عقد ميتيك وانتقاده اللاذع لـ"إدارتهم الفاشلة".

 وشركة "ساليني إمبريغيلو" الإيطالية هي المقاول الرئيس في مشروع بناء السد، بينما كانت شركة ميتيك التي تديرها قوة الدفاع الإثيوبية التابعة للجيش متعاقدة على القطاعات المعدنية الخاصة بالمكونات الكهروميكانيكية والهيدروليكية في المشروع.

"ميتيك" الجانية 

وقال آبي وقت إلغاء عقد ميتيك في أغسطس إنه بعد مرور أكثر من 7 سنوات منذ منح ميتيك العقد لم يدخل توربين واحد حيز التشغيل.

وأضاف رئيس وزراء إثيوبيا "لم نتمكن حتى الآن من تثبيت توربين (مضخة)، كما لم نستطع استكمال المشروع وفق الجدول الزمني".

وجاءت هذه الانتقادات الحادة من آبي أحمد، في مؤتمر صحفي، شن فيه هجوما لاذعا على إدارة مشروع السد، قائلا: "بناء سد النهضة كان من المخطط أن ينتهي في 5 سنوات، لكن لم نتمكن من ذلك بسبب إدارة فاشلة للمشروع، وخاصة بسبب تدخل شركة ميتيك".

وكان أبرز مما قاله آبي أحمد في هذا المؤتمر جملة "لم يروا سدا في حياتهم"، مشيرا إلى أن ميتيك تسببت "في تأخير لا لزوم له في بناء مشروع السد، لقد سلمنا مشروعا مائيا معقدا إلى أناس لم يروا أي سد في حياتهم، وإذا واصلنا السير بهذا المعدل، فإن المشروع لن يرى النور".

شركة جديدة

وفي هذا السياق قال وزير المياه والطاقة الإثيوبي، سلشي بيكيلي، الخميس، إن ميتيك لم تنجز إلا 23 بالمئة فقط من العمل.

وأضاف سلشي: "المولدات والتوربينات ومعدات أخرى تم شراؤها متفرقة في موانئ وأماكن أخرى، بما يعني تكاليف إضافية".

والأربعاء الماضي، ذكرت وسائل إعلام رسمية أن الحكومة وقعت اتفاقا مع شركة (جي.إي هيدرو فرانس)، وهي شركة تابعة لجنرال إلكتريك رينيوابلز لتسريع وتيرة استكمال السد.

وأضافت أن جي.إي هيدرو فرانس ستحصل على 54 مليون يورو (61 مليون دولار) لتصنيع وصيانة واختبار مولدات التوربينات.

وفي يوليو الماضي، عثرت الشرطة على مدير المشروع، المهندس سيمغنيو بيكيلي، مقتولا داخل سيارته بأحد ميادين أديس أبابا، في حادث هز الشارع الإثيوبي، وقالت السلطات إنه حادث انتحار.

وجاء انتحار بيكيلي في وقت نظم فيه العاملون في السد إضرابا، طالبين زيادة رواتبهم بالنظر إلى التأخيرات في إنجاز أعمال السد التي كانت سببا أيضا في طلب شركة ساليني تعويضا.

وأسفرت كل هذه التطورات عن اعتقال السلطات العشرات من كبار مسؤولي شركة ميتيك، بما في ذلك رئيسها.

انتقادات مصرية

ولطالما شكلت خطط بناء وملء السد أزمة في العلاقة بين مصر وإثيوبيا. فقد اعتبرت القاهرة قرار أديس أبابا عام 2010 بالمضي قدما في خطط طويلة المدى لاستغلال نهر النيل الأزرق، قرب الحدود الإثيوبية السودانية، كمصدر رئيسي للطاقة تهديدا لما لحقوقها المائية المعروفة منذ عهد الفراعنة.

وتخشى مصر أن يحد السد من حصتها من المياه القادمة من الهضاب الإثيوبية. لكن آبي أحمد قال، في نوفمبر الماضي، إنه يريد الحفاظ على حقوق مصر في مياه النيل.